وكان ثقة ثبتا، وله كتب مصنفة، وجموع مدونة. حدثنا عنه أبو بكر البرقاني، والقاضي أبو العلاء الواسطي.
وقال لنا أبو العلاء: لم أر في شيوخنا الغرباء مثل الآبندوني، وسمعت منه في سنة ست وستين وثلاثمائة، وكان عسرا في الحديث.
أخبرني محمد بن علي المقرئ، عن محمد بن عبد الله بن أحمد النيسابوري، قال: عبد الله بن إبراهيم الآبندوني أبو القاسم الجرجاني خرج إلى بغداد سنة خمسين وثلاثمائة فسكنها، ولم يخرج منها إلى أن مات بها، وكان أحد أركان الحديث، ورفيق أبي أحمد بن عدي بالشام ومصر.
سمعت البرقاني ذكر الآبندوني، فقال: كان محدثا قد أكل ملحه، وسافر في الحديث إلى خراسان، وفارس، والبصرة، والشام، ومصر، وكان زاهدا متقللا، ولم يكن يحدث غير واحد منفرد. فقيل له في ذلك، فقال: أصحاب الحديث فيهم سوء أدب، وإذا اجتمعوا للسماع تحدثوا وأنا لا أصبر على ذلك.
قال البرقاني: ودفع إلي يوما قدحا فيه كسر يابسة وأمرني أن أحمله إلى الباقلاني ليطرح عليه ماء الباقلاء ففعلت ذلك فلما ألقى الباقلاني عليه الماء، وقع في القدح من الباقلاء اثنتين أو ثلاث، فبادر الباقلاني إلى رفعها، فقلت له: ويحك ما مقدار هذا حتى ترفعه من القدح؟ فقال: هذا الشيخ يعطيني في كل شهر دانقا حتى أبل له الكسر اليابسة فكيف أدفع إليه الباقلاء مع الماء، وجعل البرقاني يصف أشياء من تقلله وزهده وسمعته يقول: كان الآبندوني سيدا في المحدثين.
سألت البرقاني عن وفاة الآبندوني، فقال: مات في غيبتي عن بغداد، وذلك أني رحلت إلى الإسماعيلي في سنة خمس وستين وثلاثمائة فسألني عن الآبندوني فأخبرته أني تركته في الأحياء، وأعلمته استكثاري من السماع منه فأثنى عليه، ورجعت إلى بغداد في سنة تسع وستين فلم أصبه حيا.