فقال: حدثني إسحاق بن عيسى عن أبيه أنه دخل في أول النهار من يوم عرفة على أبي العباس وهو في مدينته بالأنبار، قال إسحاق: قال أبي: وكنت قد تخلفت عنه أياما لم أركب إليه فيها فعاتبني على تخلفي كان عنه، فأعلمته أني كنت أصوم منذ أول يوم من أيام العشر، فقبل عذري، وقال لي: أنا في يومي هذا صائم، فأقم عندي لتقضيني فيه بمحادثتك إياي ما فاتني من محادثتك في الأيام التي تخلفت عني فيها، ثم تختم ذلك بإفطارك عندي، فأعلمته أنى أفعل ذلك، وأقمت إلى أن تبينت النعاس في عينيه قد غلب عليه، فنهضت عنه واستمر به النوم، فميلت بين القائلة في داره، وبين القائلة في داري، فمالت نفسي إلى الانصراف إلى منزلي لأقيل في الموضع الذي اعتدت القائلة فيه، فصرت إلى منزلي وقلت إلى وقت الزوال، ثم ركبت إلى دار أمير المؤمنين فوافيت إلى باب الرحبة الخارج، فإذا برجل دحداح حسن الوجه مؤتزر بإزار، مترد بآخر، فسلم علي، فقال: هنأ الله أمير المؤمنين هذه النعمة وكل نعمة، البشرى أنا وافد أهل السند، أتيت أمير المؤمنين بسمعهم وطاعتهم وبيعتهم، فما تمالكت سرورا أن حمدت الله على توفيقه إياي للانصراف رغبة في أن أبشر أمير المؤمنين بهذه البشرى، فما توسطت الرحبة حتى وافى رجل في مثل لونه وهيأته، وقريب الصورة من صورته، فسلم علي كما سلم علي الآخر، وهنأني بمثل تهنئته، وذكر أنه وافد أهل إفريقية أتى أمير المؤمنين بسمعهم وطاعتهم، فتضاعف سروري، وأكثرت من حمدي على ما وفقني له من الانصراف، ثم دخلت الدار فسألت عن أمير المؤمنين، فأخبرت أنه في موضع كان يتهيأ فيه للصلاة، وكان يكون فيه سواكه، وتسريح لحيته، فدخلت