أدخل السجن، فرأيت من هيبته، وجلالته، وسيماه، وحسن وجهه، وبيانه، ما لم أره لأحد قط، قال: فصرت من موضعي إليه، فقلت: يا سيدي ليس وجهك من وجوه أهل هذه البلاد، فقال: أجل يا مجوسي، قلت: فمن أي بلاد أنت؟ فقال: من أهل المدينة، فقلت: أي مدينة؟ فقال: من مدينة الرسول الله ﷺ، فقلت: وحق الشمس والقمر إنك لمن ولد صاحب المدينة قال: لا، ولكني من عرب المدينة. قال: فلم أزل أتقرب إليه وأخدمه حتى سألته عن كنيته، فقال: كنيتي أبو جعفر، فقلت: أبشر، فوحق المجوسية لتملكن جميع ما في هذه البلدة، حتى تملك فارس وخراسان والجبال، فقال لي: وما يدريك يا مجوسي؟ قلت: هو كما أقول، فاذكر لي هذه البشرى. فقال: إن قضي شيء فسوف يكون، قال: قلت: قد قضاه الله من السماء فطب نفسا، وطلبت دواة فوجدتها، فكتب لي: بسم الله الرحمن الرحيم، يا نوبخت إذا فتح الله على المسلمين، وكفاهم مؤونة الظالمين، ورد الحق إلى أهله، لم نغفل ما يجب من حق خدمتك إيانا، وكتب أبو جعفر. قال نوبخت: فلما ولي الخلافة صرت إليه فأخرجت الكتاب، فقال: أنا له ذاكر، ولك متوقع، فالحمد لله الذي صدق وعده، وحقق الظن، ورد الأمر إلى أهله، فأسلم نوبخت وكان منجما لأبي جعفر ومولى.
أخبرنا الجوهري، قال: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى المكي، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن خلاد، عن عبد الله بن سلم، عن الربيع بن يونس الحاجب، قال: سمعت المنصور يقول: الخلفاء أربعة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والملوك: معاوية، وعبد الملك، وهشام، وأنا.
أخبرني أبو الفضل محمد بن عبد العزيز بن العباس بن المهدي الخطيب،