قال الربيع: بينا أنا مع أبي جعفر المنصور في طريق مكة، تبرز فنزل يقضي حاجة، فإذا الريح قد ألقت إليه رقعة فيها مكتوب [من الطويل]:
أبا جعفر حانت وفاتك وانقضت سنوك وأمر الله لا بد واقع قال: فناداني يا ربيع، تنعى إلي نفسي في رقعة؟ فقلت: لا والله ما أعرف رقعة، ولا أدري ما هي، قال: فما رجع من وجهه حتى مات بمكة.
قرأت على ابن رزق عن عثمان بن أحمد قال: حدثنا ابن البراء، قال: حدثني الحسن بن هشام، عن الربيع قال: حججت مع المنصور أبي جعفر، فلما كنا بالقادسية قال لي: يا ربيع إني مقيم بهذا المنزل ثلاثا، فناد في الناس، فناديت، فلما كان الغد قال لي: يا ربيع أجمت المنزلَ فناد بالرحيل، فقلت: ناديت أمس أنك مقيم بهذا المنزل ثلاثا، وترحل الساعة؟ قال: أجمت، فرحل ورحل الناس، وقربت له ناقة ليركب، وجاؤوه بمجمر يتبخر، فقمت بين يديه، فقال: ما عندك؟ فقلت: رحل الناس، فأخذ فحمة من المجمر فبلها بريقه، وقام إلى الحائط فجعل يكتب على الحائط بريقه حتى كتب أربعة أسطر، ثم قال: اركب يا ربيع، فكان في نفسي هم لا أعلم ما كتب، ثم حججنا فكان من أمر وفاته ما كان، ثم رجعت من مكة فبسط لي في الموضع الذي بسط له فيه بالقادسية، فدخلت وفي نفسي أن أعلم ما كتب على الحائط، فإذا هو قد كتب على الحائط [من مجزوء الكامل]:
المرء يأمل أن يعيش وطول عمر قد يضره تبلى بشاشته ويبقى بعد حلو العيش مره وتخونه الأيام حتى لا يرى شيئا يسره كم شامت بي إن هلكت وقائل لله دره أخبرنا ابن رزق، قال: أخبرنا عثمان بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن