متهوسا شديد الهوس، وشعره كثير، وهو مع كثرته قليل الفائدة، وقد قرأت بعض كتبه فدلتني على هوسه واختلاطه، لأنه أخذ نفسه بالخلاف على أهل المنطق والشعراء والعروضيين وغيرهم، ورام أن يحدث لنفسه أقوالا ينقض بها ما هم عليه فسقط ببغداد، فلجأ إلى مصر فشخص إليها وأقام بها بقية عمره.
أخبرنا الصيمري، قال: حدثنا المرزباني، قال: أخبرني الصولي. وحدثنا علي بن أبي علي لفظا، قال: حدثنا محمد بن العباس الخزاز، قال: حدثنا الصولي، قال: حدثني محمد بن خلف بن المرزبان قال: اجتمع عندي أحمد بن أبي طاهر والناشئ ومُحَمد بن عروس، فدعوت لهم مغنية فجاءت ومعها رقيبة لم ير الناس أحسن منها قط، فلما شربوا أخذ الناشئ رقعة وكتب فيها [من المتقارب]:
فديتك لو أنهم أنصفوك لردوا النواظر عن ناظريك تردين أعيننا عن سواك وهل تنظر العين إلا إليك وهم جعلوك رقيبا علينا فمن ذا يكون رقيبا عليك ألم يقرءوا ويحهم ما يرون من وحي حسنك في وجنتيك قال: فشغفنا بالأبيات، فقال ابن أبي طاهر: أحسنت والله وأجملت، قد والله حسدتك على هذه الأبيات، والله لا جلست وقام وخرج.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال: حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني قال: أنشدنا الناشئ لنفسه بمصر سنة ثمانين [من الخفيف]:
ليس شيء أحر في مهجة العاشق من هذه العيون المراض والخدود المضرجات اللواتي شيب جريالها بحسن البياض