فما تنفع الآداب والعلم والحجى وصاحبها عند الكمال يموت كما مات لقمان الحكيم وغيره فكلهم تحت التراب صموت أخبرنا علي بن المحسن المعدل، قال: حدثني أبي، قال: أخبرني أبو بكر الصولي، قال: كان القاسم بن عبيد الله الوزير قد تقدم عند وفاة المعتضد بالله، إلى صاحب الشرطة مؤنس الخادم أن يوجه إلى عبد الله بن المعتز، وقصي بن المؤيد، وعبد العزيز بن المعتمد، فيحبسهم في دار، ففعل ذلك، فكانوا محبسين خائفين إلى أن قدم المكتفي بالله بغداد فعرف خبرهم، فأمر بإطلاقهم، ووصل كل واحد منهم بألف دينار. قال: فحدثنا عبد الله بن المعتز، قال: سهرت ليلة دخل في صبيحتها المكتفي إلى بغداد، فلم أنم خوفا على نفسي، وقلقا بوروده، فمرت بي في السحر طير فصاحت، فتمنيت أن أكون مخلى مثلها، لما يجري علي من النكبات، ثم فكرت في نعم الله علي، وما خاره لي من الإسلام، والقربة من رسول الله ﷺ، وما أؤمله من البقاء الدائم في الآخرة، فقلت في الحال [من البسيط]:
يا نفس صبرا لعل الخير عقباك خانتك من بعد طول الأمن دنياك مرت بنا سحرا طير فقلت لها طوباك يا ليتني إياك طوباك لكن هو الدهر فالقيه على حذر فرب مثلك تنزو بين أشراك وقيل: إن ابن المعتز تمثل في الليلة التي قتل في صبيحتها بهذه الأبيات، وضم إليها أبياتا أخر، ونحن نذكرها في آخر أخباره إن شاء الله.
وقد كان جعفر المقتدر بالله اضطرب عليه عسكره فخلعوه وبايعوا لابن المعتز بالخلافة، ثم عادوا إلى المقتدر فأذعنوا بطاعته، واستخفى ابن المعتز، ثم ظهر عليه فسلم إلى المقتدر فقتله، ولم يلبث ابن المعتز بعد أن بويع غير يوم واحد حتى تفرق الناس عنه، وكانت هذه القصة في سنة ست وتسعين ومائتين.
أخبرنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني، قال: أخبرنا المعافى بن