أخبرنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه، وأبو محمد الحسن بن محمد الخلال قالا: حدثنا إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الكاتب، قال: حدثنا أحمد بن الحسن المقرئ، قال: سمعت عبد الله بن أحمد الدورقي، قال: سمعت محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، قال: سمعت أبي، قال: كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو، فيقولون: نصحبك يا أبا عبد الرحمن؟ فيقول لهم: هاتوا نفقاتكم، فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق ويقفل عليها، ثم يكتري لهم ويخرجهم من مرو إلى بغداد، فلا يزال ينفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام، وأطيب الحلواء ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي وأكمل مروءة، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول ﷺ، فإذا صاروا إلى المدينة قال لكل رجل منهم: ما أمروك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول: كذا، فيشتري لهم، ثم يخرجهم إلى مكة فإذا وصلوا إلى مكة وقضوا حجهم، قال: لكل واحد منهم: ما أمروك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا، فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فإذا وصل إلى مرو جصص أبوابهم ودورهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام صنع لهم وليمة وكساهم، فإذا أكلوا وسروا، دعا بالصندوق ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صرته بعد أن كتب عليها اسمه. قال أبي: أخبرني خادمه أنه عمل آخر سفرة سافرها دعوة، فقدم إلى الناس خمسة وعشرين خوانا فالوذج. قال أبي: وبلغني أنه قال للفضيل بن عياض: لولاك وأصحابك ما اتجرت. قال أبي: وكان ينفق على الفقراء في كل سنة مائة ألف درهم.