قال: فانتبهت فعلمت أن قد حدث أمر إما قريب وإما بعيد، فتأملت ما قرب فكان ما رأيت.
أخبرني محمد بن علي المقرئ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ، قال: سمعت أبا بكر محمد بن داود بن سليمان الزاهد يقول: سمعت محمد بن عبد الرحمن السامي يقول: سمعت أبا الصلت عبد السلام بن صالح يقول: حبسني الخليفة المأمون ليلة، فكنا نتحدث حتى ذهب من الليل ما ذهب وطفئ السراج، ونام القيم الذي كان يصلح السراج، فدعاه فلم يجبه وكان نائما، فقلت: يا أمير المؤمنين أصلحه؟ فقال: لا فأصلحه هو، ثم انتبه الخادم فظننت أنه يعاقبه لأنه كان يناديه وهو نائم فلا يجبه، قال: فتعجبت أنا فسمعته يقول: ربما أكون في المتوضأ فيشتموني، وأظنه قال: ويفترون علي، ولا يدرون أني أسمع، فأعفو عنهم.
أخبرنا الجوهري، قال: حدثنا محمد بن العباس، قال: حدثنا الصولي، قال: حدثنا عون بن محمد، قال: حدثنا عبد الله ابن البواب، قال: كان المأمون يحلم حتى يغيظنا في بعض الأوقات، جلس يستاك على دجلة من بغداد من وراء سترة ونحن قيام بين يديه، فمر ملاح وهو يقول بأعلى صوته: أتظنون أن هذا المأمون ينبل في عيني وقد قتل أخوه؟! قال: فوالله ما زاد على أن تبسم وقال لنا: ما الحيلة عندكم حتى أنبل في عين هذا الرجل الجليل.