أخبرنا علي بن المحسن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: استقضى المعتضد بالله على الشرقية سنة ثلاث وثمانين ومائتين أبا خازم عبد الحميد بن عبد العزيز، وكان رجلا دينا ورعا، عالما بمذهب أهل العراق والفرائض والحساب والذرع والقسمة، حسن العلم بالجبر والمقابلة وحساب الدور وغامض الوصايا والمناسخات، قدوة في العلم بصناعة الحكم ومباشرة الخصوم، وأحذق الناس بعمل المحاضر والسجلات والإقرارات، أخذ العلم عن هلال بن يحيى الرأي، وكان هذا أحد فقهاء الدنيا من أهل العراق، وأخذ عن بكر العمي ومحمود الأنصاري، ثم صحب عبد الرحمن بن نائل بن نجيح، ومُحَمد بن شجاع، حتى كان جماعة يفضلونه على هؤلاء فأما عقله فلا نعلم أحدا رآه فقال: إنه رأى أعقل منه، ولقد حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد بن مابنداذ، عن حامد بن العباس، عن عبيد الله بن سليمان بن وهب، قال: ما رأيت رجلا أعقل من الموفق وأبي خازم القاضي، وأما الحساب فإن أبا الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبي أخبرني، قال: قال لي أبو برزة الحاسب: لا أعرف في الدنيا أحسب من أبي خازم، قال: وقال لي ابن حبيب الذَّارع: كنا ونحن أحداث مع أبي خازم فكنا نقعده قاضيا ونتقدم إليه في الخصومات، فما مضت الأيام والليالي حتى صار قاضيا وصرنا ذُرَّاعه، قال أبو الحسين: وبلغ من شدته في الحكم أن المعتضد وجه إليه بطريف المخلدي؛ فقال له: إن على الضبعي