على ماء، أو ماء المطر، فجلس ومضيت أطلب، فلما كنت منه غير بعيد لاح لي ماء فصرت إليه، فإذا أنا بعين ماء وبين يديها شبيه بالركية، أو الوادي من مائها، فنزعت ثيابي واغتسلت من ذلك الماء، وشربت حتى رويت، ثم قلت: أمضي فأجيء بأبي فهو غير بعيد، فجئت إليه فقلت له: قم فقد فرج الله، وهذه عين ماء قريب منا، فقام ومضينا نحو العين والماء، فلم نر شيئا فدرنا نطلب فلم نقدر على شيء، وأجهد أبي جهدا شديدا، فلم يقدر على النهوض لشدة ما لحقه فجلست معه، فلم يزل يضطرب حتى مات، فاحتلت حتى واريته، ثم جئت حتى لقيت أمير المؤمنين عليا وهو خارج إلى صفين، وقد أسرجت له بغلة، فجئت فمسكت بالركاب ليركب، وانكببت أقبل فخذه، فنفحني الركاب فشجني في وجهي شجة، قال المفيد: ورأيت الشجة في وجهه واضحة، قال: ثم سألني عن خبري فأخبرته بقصتي وقصة أبي وقصة العين، فقال: هذه عين لم يشرب منها أحد إلا عمر عمرا طويلا، فأبشر فإنك معمر ما كنت لتجدها بعد شربك منها.
قال المفيد: ثم سألناه، فحدثنا عن علي بن أبي طالب بأحاديث، ثم لم أزل أتتبعه في الأوقات وألح عليه حتى يملي علي حديثا بعد حديث، ثم أعود حتى جمعت عنه خمسة عشرة حديثا لم تجتمع عنه لغيري لتتبعي له وإلحاحي عليه، وكان معه شيوخ من بلده، فسألتهم عنه، فقالوا: هو مشهور عندنا بطول العمر، حدثنا بذلك آباؤنا، عن آبائهم، عن أجدادهم، وأن قوله في لقيه علي بن أبي طالب معلوم عندهم أنه كذلك.