ابن جبير، عن ابن عباس، قال: ما رأيت قوما كانوا خيرا من أصحاب رسول الله ﷺ، ما سألوه إلا بضعة عشر مسألة حتى قبض، كلهن من القرآن، فمنهن:(يَسْأَلُونَكَ عن الشَّهْرِ الْحَرَامِ) و (يَسْأَلُونَكَ عن الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ)(وَيَسْأَلُونَكَ عن الْيَتَامَى)(وَيَسْأَلُونَكَ عن الْمَحِيضِ) ما كانوا يسألون إلا عما ينفعهم.
أخبرنا علي بن المحسن التنوخي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن قريعة، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن داسة البصري، قالا: حدثنا أبو سهل بن زياد القطان صاحب علي بن عيسى، قال: كنت مع علي بن عيسى لما نفي إلى مكة، فدخلنا في حر شديد، وقد كدنا نتلف، فطاف علي بن عيسى وسعى وجاء، فألقى نفسه، وهو كالميت من الحر والتعب، وقلق قلقا شديدا، وقال: أشتهي على الله شربة ماء مثلوج، فقلت له: سيدنا أيده الله يعلم أن هذا ما لا يوجد بهذا المكان. فقال: هو كما قلت، ولكن نفسي ضاقت عن ستر هذا القول، فاستروحت إلى المنى، قال: وخرجت من عنده فرجعت إلى المسجد الحرام، فما استقررت فيه حتى نشأت سحابة وكثفت، فبرقت ورعدت رعدا متصلا شديدا، ثم جاءت بمطر يسير، وبرد كثير، فبادرت إلى الغلمان، فقلت: اجمعوا. قال: فجمعنا منه شيئا عظيما، وملأنا منه جرارا كثيرة، وجمع أهل مكة منه شيئا عظيما، قال: وكان علي بن عيسى صائما، فلما كان وقت المغرب خرج إلى المسجد الحرام ليصلي المغرب، فقلت له: أنت والله مقبل والنكبة زائلة، وهذه علامات الإقبال، فاشرب الثلج كما طلبت، قال: وجئته