فلو يستطيع لتقتيره تنفس من منخر واحد فقال لي: أف وتف، هذا من خاطر الجن لا من خاطر الإنس، ووثب ومضى.
أخبرنا الخالع، قال: أخبرنا علي بن جعفر الحمداني، قال: أنشدني ابن الرومي في عيسى بن موسى بن المتوكل يقتر عيسى على نفسه، وذكر هذين البيتين. كذا قال في عيسى بن موسى بن المتوكل والله أعلم.
أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن السري، قال: حدثنا علي بن العباس النوبختي، قال: بلغني أن أبا الحسن علي بن العباس بن جريج الرومي عليل فمضيت إليه لأعوده، أو قال: جئت ابن الرومي، فرأيته عليلا قبل موته بيوم، فقلت له: أي شيء خبرك؟ فقال: أيش خبر من يموت؟ فقلت: كلا أرى سحنتك صافيه حسنة، قال: هكذا من يموت يكون قبل ذاك حسن الوجه بيوم. فقلت: يعافي الله. فقال: خذ حديثي، فإن لم يقطع على أن أموت في هذه العلة، فاصنع ما شئت، أحببت أن أسكن في مدينة أبي جعفر، فشاورت صديقا لي يكنى أبا الفضل، وهو مشتق من الإفضال، فقال لي: إذا عبرت القنطرة فخذ على يدك اليمنى، وهو مشتق من اليمن، وسل عن سكة النعيمية، وهو مشتق من النعيم، وعن دار ابن المعافي، وهو مشتق من العافية، فخالفت لشؤمي واقتراب أجلي، فشاورت صديقا - يقال له: جعفر - وهو مشتق من الجوع والفرار، فقال لي: إذا عبرت القنطرة فخذ يسرة، وهو مشتق من العسر وسل عن سكة العباس، وهو مشتق من العبوس، واسكن في دار أبي قليب، وهو مشتق من الانقلاب، فقد انقلبت بي الدنيا كما ترى، وأعظم ما علي تجتمع في هذا السدرة في داري في كل يوم العصافير يصيحون في وجهي سيق سيق، فأنا في السياق. فعاودته من الغد، فإذا هو قد مات.