ابن القاسم الأنباري، قال: سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى يقول: كان علي الأحمر علي بن المبارك مؤدب الأمين، يحفظ أربعين ألف بيت شاهد في النحو، سوى ما كان يحفظ من القصائد وأبيات الغريب.
أخبرنا هلال بن المحسن، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الجراح الخزاز، قال: حدثنا أبو بكر محمد القاسم بن بشار، قال: حدثنا أبو العباس - يعني ثعلبا - قال: حدثني سلمة بن عاصم، قال: حدثنا الفراء ما لا أحصي، قال: قدم سيبويه إلى بغداد، فأتى يحيى بن خالد، فقال له: اجمع بيني وبين الكسائي؛ لأناظره وأنت تسمع، فقال له يحيى: الكسائي عندنا رجل عالم لا يمتنع من مناظرة أحد وأنا أتقدم إليه في الحضور، فإذا كان يوم كذا وكذا فاحضر وعرف يحيى الكسائي وعرف الكسائي أصحابه فسبق الفراء والأحمر في ذلك اليوم إلى دار يحيى، فجلسا في الموضع الذي أعد للكسائي وسيبويه، ثم جاء سيبويه فرفعاه، وألقى عليه الأحمر مسألة فأجاب فيها، فقال له الأحمر: أخطأت وألقى عليه أخرى فأجاب، فقال له: أخطات، وكان الأحمر حادا حافظا فغضب سيبويه، فقال له الفراء: إن معه عجلة، فمن قال: هؤلاء أبون، ورأيت أبين، ومررت بأبين في جمع الأب على قول الشاعر [من الوافر]:
وكان بنو فزارة شر عم وكنت لهم كشر بني الأخينا كيف نمثل مثاله من أويب؟ فأجابه سيبويه بجواب، فعارضه الفراء بإدخال فيه، فانتقل منه إلى جواب آخر، فعارضه بحجة أخرى، فغضب وقال: لا أكلمكما حتى يجيء صاحبكما، فجاء الكسائي فجلس بالقرب منه، وأنصت يحيى والناس، فقال له الكسائي: أتسألني أم أسألك؟ فقال: لا بل سلني، قال: كيف تقول: خرجت فإذا عبد الله قائم؟ فقال سيبويه: قائم بالرفع، فقال له الكسائي: أتجيز قائما بالنصب؟ قال: لا. قال له الكسائي: فكيف تقول: كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور، فإذا أنا بالزنبور إياها بعينها؟ قال: لا أجيز هذا بالنصب، ولكني أقول: فإذا أنا بالزنبور هو هي