مِائَة ألف درهم، قال: وفي مثل هذا أكلم أمير المؤمنين، يا غلام، احملها معه، وما التفت إلي ولا كلمني بغير هذا.
وقال ابن أبي سعد: حدثنا إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن سليمان الهاشمي، قال: حدثني محمد بن سلام، قال: حدثني الفضل بن الربيع، قال: كان أبي يأمرني بملازمة عمارة بن حمزة، قال: فاعتل عمارة، وكان المهدي سيئ الرأي فيه، فقال له أبي يوما: يا أمير المؤمنين، مولاك عمارة عليل، وقد أفضى إلى بيع فرشه وكسوته، فقال: غفلت عنه، وما كنت أظن بلغ هذه الحال، احمل إليه خمسمائة ألف درهم يا ربيع، وأعلمه أن له عندي بعدها ما يحب، قال: فحملها أبي من ساعته، وقال لي: اذهب بها إلى عمك، وقل له: أخوك يقرئك السلام ويقول: أذكرت أمير المؤمنين أمرك، فاعتذر من غفلته عنك، وأمر لك بهذه الدراهم، وقال لك: عندي بعدها ما تحب، قال: فأتيته ووجهه إلى الحائط فسلمت، فقال لي: من أنت؟ فقلت: ابن أخيك الفضل بن الربيع، فقال: مرحبا بك، وأبلغته الرسالة، فقال: قد كان طال لزومك لنا، وقد كنا نحب أن نكافئك على ذلك، ولم يمكنا قبل هذا الوقت انصرف بها فهي لك، قال: فهبته أن أرد عليه، فتركت البغال على بابه، وانصرفت إلى أبي فأعلمته الخبر، فقال لي: يا بني خذها بارك الله لك، عمارة ليس ممن يراد، فكان أول مال ملكته.
أخبرني الأزهري، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عمران، قال: حدثنا محمد بن يحيى النديم، قال: حدثنا محمد بن العباس، عن أبيه، عن الأصمعي، قال: قال الفضل بن يحيى: حل على أبي من مال الأهواز للرشيد ثلاثة آلاف ألف درهم فأرسل إليه: إن أنت حملت ما وجب عليك، وهو ثلاثة آلاف ألف درهم في يومنا هذا وقت العصر، وإلا أنفذت إليك من يجيئني برأسك، قال: فقال لي: يا بني قد ترى ما نحن فيه، والله ما عند أبيك عشرها، وإن لم أحملها فقد طل دم أبيك، فامض إلى عمارة بن حمزة، فسله أن يقرضنا ذلك بعد أنه تحدثه الحديث، فإن فعل وإلا فليس غير القتل، قال: فمضيت إليه، فسمع كلامي وأعرض عني، ولم يجبني فانصرفت من بين يديه