للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البحار، ودكدكت الجبال، ولم يلتفت والد إلى ولد، ولا ولد إلى والد، وجيء بالجنة تلوح فيها قباب الدر والياقوت حتى تنصب على يمين العرش، ثم جيء بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام من حديد، ممسك بكل زمام سبعون ألف ملك، لها عينان زرقاوان تجر الشفة السفلى أربعين عاما، تخطر كما يخطر الفحل، لو تركت لأتت على كل مؤمن وكافر، ثم يؤتى بها حتى تنصب عن يسار العرش، فتستأذن ربها في السجود فيأذن لها فتحمده بمحامد لم يسمع الخلائق بمثلها، تقول: لك الحمد إلهي إذ جعلتني أنتقم من أعدائك، ولم تجعل شيئا مما خلقت تنتقم به مني، إلي أهلي، فلهي أعرف بأهلها من الطير بالحب على وجه الأرض، حتى إذا كانت من الموقف على مسيرة مِائَة عام، وهو قول الله تعالى: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ زفرت زفرة فلا يبقى ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا صديق منتجب، ولا شهيد ما هنالك إلا خر جاثيا على ركبتيه، قال: ثم تزفر الثانية زفرة، فلا يبقى قطرة من الدموع إلا بدرت، فلو كان لكل آدمي يومئذ عمل اثنين وسبعين نبيا لظن أنه سيواقعها، قال: ثم تزفر الثالثة زفرة، فتنقلع القلوب من أماكنها فتصير بين اللهوات والحناجر، ويعلو سواد العيون بياضها، ينادي كل آدمي يومئذ: يا رب نفسي نفسي، لا أسألك غيرها، حتى إن إبراهيم ليتعلق بساق العرش، ينادي: يا رب نفسي نفسي، لا أسألك غيرها، ونبيكم يقول: أمتي أمتي، لا همة له غيركم، قال: فعند ذلك يدعى بالأنبياء والرسل فيقال لهم: ماذا أجبتم، قالوا: لا علم لنا، طاشت الأحلام وذهلت العقول، فإذا رجعت القلوب إلى أماكنها ﴿وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ﴾

قال: وأما قوله تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾ فهذا وهم بالموقف يختصمون، فيؤخذ للمظلوم من الظالم، وللمملوك من المالك، وللضعيف من الشديد، وللجماء من القرناء، حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه، فإذا أدي إلى كل ذي حق حقه، أمر بأهل الجنة إلى الجنة وأهل

<<  <  ج: ص:  >  >>