كلامه، وصعب مرامه سليم المتون كثير العيون، وأما مسلم فمزج كلام البدويين بكلام الحضريين، وضمنه المعاني اللطيفة، والألفاظ الظريفة فله جزالة البدويين، ورقة الحضريين قال: أبيت أن تحكم فحكمت، منصور أشعرهما.
أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الواحد بن علي البزاز قال: أخبرنا أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي قال: حدثنا محمد بن أبي الأزهر النحوي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني مح د البيذق، وكان أحسن الناس إنشادا، وكان إنشاده أحسن من الغناء قال: دعاني هارون الرشيد في عشي يوم، وبين يديه طبق، وهو يأكل مما فيه، ومعه الفضل بن الربيع فقال لي الفضل: يا محمد أنشد أمير المؤمنين ما يستحسن من مديحه فأنشدته للنمري فلما بلغت إلى هذا الموضع [من البسيط]:
أي امرئ بات من هارون في سخط. . . فليس بالصلوات الخمس ينتفع
إن المكارم والمعروف أودية. . . أحلك الله منها حيث تجتمع
إذا رفعت امرأ فالله رافعه. . . ومن وضعت من الأقوام متضع
نفسي فداؤك والأبطال معلمة. . . يوم الوغا والمنايا بينهم قرع
قال: فأمر فرفع الطعام وصاح، وقال: هذا والله أطيب من كل الطعام، ومن كل شيء، وأجاز النمري بجائزة سنية قال: محمد البيذق: فأتيت النمري فعرفته أني كنت سبب الجائزة فلم يعطني شيئا، وشخص إلى رأس عين، فاحفظني وغاظني ثم دعاني الرشيد يوما آخر فقال: أنشدني يا محمد، فأنشدته [من المنسرح]: