فقال الذي جاءه برأسه، والله يا أمير المؤمنين لو رأيته، والرمح في يده تارة، والسيف تارة يضرب بهذا، ويطعن بهذا لرأيت رجلا يملأ القلب، والعين شجاعة وإقداما، ولكنه لما تفرقت رجاله، وكثر من قصده وبقي وحده ما زال ينشد [من الطويل]:
وإني على المكروه عند حضوره. . . أكذب نفسي والجفون له تغضي
وما ذاك من ذل ولكن حفيظة. . . أذب بها عند المكارم عن عرضي
وإني لأهل الشر بالشر مرصد. . . وإني لذي سلم أذل من الأرض
فقال عبد الملك كان والله كما وصف نفسه، وصدق، ولقد كان من أحب الناس إلي، وأشدهم لي إلفا ومودة، ولكن الملك عقيم.
أخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثني غسان بن مضر، عن سعيد بن يزيد قال: وثب عبيد الله بن زياد بن ظبيان على مصعب فقتله عند دير الجاثليق على شاطئ نهر يقال له: دجيل من أرض مسكن، واحتز رأسه فذهب التميمي به إلى عبد الملك فسجد عبد الملك لما أتي برأسه قال يعقوب: سنة اثنتين وسبعين فيها قتل مصعب بن الزبير.
أخبرنا عبد الكريم بن محمد بن أحمد الضبي قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن مسلم المخرمي قال: حدثنا أبو سعيد عبد الله بن شبيب قال: حدثني أبو محلم قال: لما قتل مصعب بن الزبير خرجت سكينة تطلبه في القتلى فعرفته بشامة في فخذه فأكبت عليه فقالت: يرحمك الله نعم والله حليل المسلمة كنت أدركك والله ما قال عنترة [من الكامل]:
وحليل غانية تركت مجدلا. . . بالقاع لم يعهد ولم يتثلم