الرشيد قال: فرأيت مروان ماثلا مع الشعراء بين يدي الرشيد، وقد أنشده شعرا فقال له: من؟ قال: شاعرك مروان بن أبي حفصة فقال له: ألست القائل البيتين اللذين له في معن اللذين أنشدهما المهدي؟ خذوا بيده فأخرجوه فإنه لا شيء له عندنا فأخرج فلما كان بعد ذلك بيومين تلطف حتى دخل فأنشده قصيدته التي يقول فيها [من الطويل]:
لعمرك لا أنسى غداة المحصب. . . إشارة سلمى بالبنان المخضب
وقد صدر الحجاج إلا أقلهم. . . مصادر شتى موكبا بعد موكب
قال: فأعجبته فقال له: كم قصيدتك بيتا؟ قال له: سبعون أو ستون فأمر له بعدد أبياتها ألوفا فكان ذلك رسم مروان حتى مات.
قرأت على الحسن بن علي الجوهري، عن أبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال: أخبرني يوسف بن يحيى، عن أبيه يحيى بن علي قال: أخبرني متوج بن محمود بن أبي الجنوب قال: أخبرني أبي، عن أبيه أن الكسائي كان يقول قال: إنما الشعر سقاء تمخض فدفعت الزبدة إلى مروان بن أبي حفصة.
وقال المرزباني: أخبرني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا محمد بن سعيد قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني محمد بن بشار قال: رأيت مروان يعرض على أبي أشعاره فقال له أبي إن وفيت قيم أشعارك استغنيت.
أخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: سنة ثنتين وثمانين ومِائَة فيها مات مروان بن أبي حفصة الشاعر.