وجالس أبا حنيفة وسمع منه، ونظر في الرأي فغلب عليه، وعرف به، ونفذ فيه، وقدم بغداد فنزلها واختلف إليه الناس وسمعوا منه الحديث والرأي، وخرج إلى الرقة وهارون أمير المؤمنين بها، فولاه قضاء الرقة ثم عزله، فقدم بغداد فلما خرج هارون إلى الري الخرجة الأولى أمره فخرج معه فمات بالري سنة تسع وثمانين ومائة، وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
أخبرنا علي بن أبي علي المعدل، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: أخبرني أبو عروبة في كتابه إلي، قال: حدثني عمرو بن أبي عمرو، قال: قال محمد بن الحسن: ترك أبي ثلاثين ألف درهم، فأنفقت خمسة عشر ألفا على النحو والشعر، وخمسة عشر ألفا على الحديث والفقه.
أخبرنا الحسين بن علي الطناجيري، قال: حدثنا عمر بن أحمد الواعظ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم؛ وأخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، واللفظ له، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن الحسن القاضي، قال: حدثنا محمد بن يوسف الهروي بدمشق، قال: أخبرنا محمد بن عبد الحكم، قال: سمعت الشافعي يقول: قال محمد بن الحسن: أقمت على باب مالك ثلاث سنين وكسرا، وكان يقول: إنه سمع منه لفظا أكثر من سبعمائة حديث.
قال: وكان إذا حدثهم عن مالك امتلأ منزله وكثر الناس عليه حتى يضيق عليهم الموضع، وإذا حدثهم عن غير مالك لم يجبه إلا اليسير من الناس، فقال: ما أعلم أحدا أسوأ ثناء على أصحابه منكم إذا حدثتكم عن مالك ملأتم