تحته في المجلس ليردوه إلى الخزائن لأن جميعه مثبت عليهم، وترك وحده في البيت، وقال لي ابن أبي دؤاد القاضي: إنا نريد أن نتشاغل بعقد البيعة، ولا بد أن يكون أحدنا يحفظ الميت إلى أن يدفن، فأحب أن تكون أنت ذلك الرجل. وقد كنت من أخصهم به في حياته، وذلك أنه اصطنعني واختصني حتى لقبني الواثقي باسمه، فحزنت عليه حزنا شديدا، فقلت: دعوني وامضوا، فرددت باب المجلس وجلست في الصحن عند الباب أحفظه، وكان المجلس في بستان عظيم أجربة، وهو بين بستانين، فحسست بعد ساعة في البيت بحركة أفزعتني، فدخلت أنظر ما هي؟ فإذا بجرذون من دواب البستان قد جاء حتى استل عين الواثق، فأكلها فقلت: لا إله إلا الله، هذه العين التي فتحها منذ ساعة فاندق سيفي هيبة لها، صارت طعمة لدابة ضعيفة. قال: وجاؤوا فغسلوه بعد ساعة، فسألني ابن أبي دؤاد عن سبب عينه فأخبرته. قال: والجرذون دابة أكبر من اليربوع قليلا.
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق، قال: أخبرنا عثمان بن أحمد، قال: حدثنا ابن البراء، قال: ومات الواثق بالله بالقصر الهاروني من سر من رأى يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وكان عمره اثنتين وثلاثين سنة، وخلافته خمس سنين وتسعة أشهر وخمسة أيام.
أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن أبي قيس، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال: حدثني أحمد ابن الواثق قال: بلغ أبي ثمانيا وثلاثين سنة. قال ابن أبي الدنيا: مات الواثق بسر من رأى يوم الأربعاء لست ليال بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وصلى عليه جعفر أخوه، ودفن هناك، وكانت خلافته خمس سنين وشهرين وأحد وعشرين يوما، وكان أبيض يعلوه صفرة حسن اللحية في عينه نكتة.