مجلسه، لأن الله قد أعلمنا أنه حافظ كتابه من لفظ الزائغين، وشبهات الملحدين، بقوله:(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
ثم ذكر أبو طاهر كلاما كثيرا، وقال بعده: وقد دخلت عليه شبهة لا تخيل بطولها وفسادها على ذي لب وفطنة صحيحة، وذلك أنه قال: لما كان لخلف بن هشام، وأبي عبيد، وابن سعدان، أن يختاروا، وكان ذلك لهم مباحا غير منكر، كان ذلك لي أيضا مباحا غير مستنكر. فلو كان حذا حذوهم فيما اختاروه، وسلك طريقا كطريقهم كان ذلك مباحا له ولغيره غير مستنكر، وذلك أن خلفا ترك حروفا من حروف حمزة واختار أن يقرأ على مذهب نافع، وأما أبو عبيد وابن سعدان فلم يتجاوز واحد منهما قراءة أئمة القراءة بالأمصار، ولو كان هذا الغافل نحا نحوهم كان مسوغا لذلك غير ممنوع منه ولا معيب عليه، بل إنما كان النكير عليه شذوذه عما عليه الأئمة الذين هم الحجة فيما جاؤوا به مجتمعين ومختلفين. وذكر أبو طاهر كلاما كثيرا نقلنا منه هذا المقدار، ومن آثر الوقوف عليه فليعمد للنظر في أول كتاب البيان، فإنه مستقصى هناك.
حدثني أبو بكر أحمد بن محمد المستملي الغزال، قال: سمعت أبا أحمد الفرضي غير مرة يقول: رأيت في المنام كأني في المسجد الجامع أصلي مع الناس، وكان محمد بن الحسن بن مقسم قد ولى ظهره القبلة وهو يصلي مستدبرها، فأولت ذلك مخالفته الأئمة فيما اختاره لنفسه من القراءات.
قلت: ذكرت هذه الحكاية لأبي يعلى بن السراج المقرئ، فقال: وأنا سمعتها من أبي أحمد الفرضي.
قال محمد بن أبي الفوارس: توفي ابن مقسم في شهر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، ومولده سنة خمس وستين ومائتين. ويقال: إن ابنه أدخل عليه حديثا، والله أعلم.