فسمعت إسماعيل بن إسحاق يقول: وقد ذكر يحيى بن أكثم فعظم أمره، وقال: كان له يوم في الإسلام لم يكن لأحد مثله، وذكر هذا اليوم فقال له رجل: فما كان يقال؟ قال: معاذ الله أن تزول عدالة مثله بتكذب باغ وحاسد، وكانت كتبه في الفقه أجل كتب فتركها الناس لطولها.
أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد المتوثي، قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن زياد النقاش أن أحمد بن يحيى ثعلبا أخبرهم قال: أخبرنا أبو العالية السامي مؤدب ولد المأمون قال: لقي رجل يحيى بن أكثم، وهو يومئذ على قضاء القضاة فقال له: أصلح الله القاضي، كم آكل؟ قال: فوق الجوع، ودون الشبع. قال: فكم أضحك؟ قال: حتى يسفر وجهك، ولا يعلو صوتك. قال: فكم أبكي؟ قال: لا تمل البكاء من خشية الله تعالى. قال: فكم أخفي من عملي؟ قال: ما استطعت. قال: فكم أظهر منه؟ قال: ما يقتدي بك البر الخير، ويؤمن عليك قول الناس؟ فقال الرجل: سبحان الله، قول قاطن، وعمل ظاعن.
قلت: وكان المتوكل على الله لما استخلف صير يحيى بن أكثم في مرتبة أحمد بن أبي دؤاد، وخلع عليه خمس خلع، وولي يحيى وعزل مدة، ثم جعل في مرتبته جعفر بن عبد الواحد الهاشمي فأخبرني الأزهري، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: ولما عزل يحيى بن أكثم عن القضاء بجعفر بن عبد الواحد جاءه كاتبه فقال: سلم الديوان، فقال: شاهدان عدلان على أمير المؤمنين أنه أمرني بذلك، فأخذ منه الديوان قهرا، وغضب عليه المتوكل فأمر بقبض أملاكه ثم أدخل مدينة السلام وألزم منزله.
أخبرنا البرقاني، قال: حدثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي، قال: حدثنا