يقول: سألت أبا بكر الشبلي جحدر بن دلف عن التصوف فقال: التصوف ترويح القلوب بمراوح الصفاء، وتجليل الخواطر بأردية الوفاء، والتخلق بالسخاء، والبشر في اللقاء.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمود الزوزني قال: سمعت أبا الحسن علي بن المثنى التميمي يقول: دخلت على أبي بكر جحدر بن جعفر الملقب بالشبلي في داره يوما، وهو يهيج ويقول [من الهزج]:
على بعدك ما يصبر من عادته القرب ولا يقوى على حجبك من تيمه الحب فإن لم ترك العين فقد يبصرك القلب أخبرني أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي بنيسابور، قال: أخبرنا علي بن جعفر السيرواني قال: دخلت أنا وفقير على الشبلي فسلمنا عليه فقال لنا: أين تريدان؟ فقلنا: البادية. فقال: على أي حكم؟ فقال صاحبي: على حكم الفقراء، فقال: احذروا أن لا تسبقكم همومكم ولا تتأخر. قال أبو الحسن السيرواني: فجمع لنا العلم كله في هذه الكلمة.
أخبرني الحسن بن غالب المقرئ قال: سمعت أبا القاسم عيسى بن علي بن عيسى الوزير يقول: كان ابن مجاهد يوما عند أبي فقيل له: الشبلي؟ فقال: يدخل. فقال ابن مجاهد: سأسكته الساعة بين يديك، وكان من عادة الشبلي إذا لبس شيئا خرق فيه موضعا فلما جلس قال له ابن مجاهد: يا أبا بكر أين في العلم إفساد ما ينتفع به؟ فقال له الشبلي: أين في العلم: ﴿فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ﴾ قال: فسكت ابن مجاهد فقال له أبي: أردت أن تسكته فأسكتك ثم قال له: قد أجمع الناس أنك مقرئ الوقت، أين في القرآن الحبيب لا يعذب حبيبه؟ قال: فسكت ابن مجاهد فقال له