أحمد بن علي المقرئ، قال: حدثنا علي بن محمد بن الجهم الكاتب قال: حدثني علي الطويل قال: حدثني سليمان بن محمد، عن الواقدي قال: دخلت يوما على المهدي فدعا بمحبرته ودفتره، وكتب عني أشياء حدثته بها ثم نهض وقال: كن بمكانك حتى أعود إليك ودخل إلى دار الحرم ثم خرج متنكرا ممتلئا غيظا، فلما جلس قلت: يا أمير المؤمنين خرجت على خلاف الحال التي دخلت عليها؟ فقال: نعم دخلت على الخيزران فوثبت علي ومدت يدها إلي وخرقت ثوبي، وقالت: يا قشاش وأي خير رأيت منك؟ وإنما اشتريتها من نخاس، ورأت مني ما رأت، وعقدت لابنيها ولاية العهد، ويحك فأنا قشاش؟ قال: فقلت: يا أمير المؤمنين قال رسول الله ﷺ: إنهن يغلبن الكرام، ويغلبهن اللئام، وقال: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. وقال: وقد خلقت المرأة من ضلع أعوج إن قومته كسرته، وحدثته في هذا الباب بكل ما حضرني فسكن غضبه وأسفر وجهه وأمر لي بألفي دينار، وقال: أصلح بهذه من حالك وانصرفت فلما وصلت إلى منزلي وافاني رسول الخيزران فقال: تقرأ عليك ستي السلام، وتقول لك: يا عم، قد سمعت جميع ما كلمت به أمير المؤمنين فأحسن الله جزاءك، وهذه ألفا دينار إلا عشرة دنانير بعثت بها إليك لأني لم أحب أن أساوي صلة أمير المؤمنين ووجهت إلي بأثواب.
أخبرني الأزهري، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: سنة ثلاث وسبعين يعني ومِائَة فيها توفي محمد بن سليمان، وتوفيت الخيزران في اليوم الذي توفي فيه محمد بن سليمان.
قلت: وذكر أبو حسان الزيادي أن الخيزران ماتت في ليلة الجمعة لثلاث بقين من جمادى الآخرة، وقد أوردنا ذلك في خبر محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس.