للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهيثم، ولم يحسن إليه أبو الهيثم إلّا على بصيرة فيه بظلمه وفسقه فسلّطه الله عليه كما كان هو يسلّطه على الناس؛ قال ابن أبي عون: أظنّ أنّ أبا الهيثم كان يهوديا، قيل: وكيف ذلك؟ قال: لأني أخذت غلاما له ففسقت به في دبره وسكرت، وطلبت أمّ ولده لأفجر بها ولم أقدر عليها، ولو كان أبو الهيثم مسلما لغضب الله له. وهذا قول متمرّد على الله مستغرّ بإمهال الله تعالى له، ولم يهمله الله عز وجل ثم أخذه بسوء عمله. وكان ممن آمن بالحلّاج وآمن بربوبيته وأخذ مع من أخذ من أصحاب الحلاج وقتل شر قتلة؛ كذا قال «الحلاج» ، إنما هو ابن أبي العزاقر وإن كانت علّتهما واحدة.

وقرأت بمرو رسالة كتبت من بغداد عن أمير المؤمنين الراضي رضي الله عنه إلى أبي الحسين نصر بن أحمد الساماني إلى خراسان بقتل العزاقري لخصت [منها] ما يتعلق بابن أبي عون، قال فيها بعد أن ذكر أول من أبدع مذهبا في الإسلام من الرافضة وأهل الأهواء «وآخر من أظفره الله منهم به: المقتدر بالله، رحمه الله، فانتقم من المعروف بالحلّاج وخبره أرفع وأشهر من أن يوصف ويذكر- وأراق دمه وأزال تمويهه وحسمه. ولما ورث أمير المؤمنين ميراث أوليائه، وأحلّه [الله] محلّ خلفائه، اقتدى بسنتهم، وجرى على شاكلتهم في كلّ أمر قاد إلى مصلحة ودفع ضرر، وعاد إلى الإسلام وأهله بمنفعة، وجعل الغرض الذي يرجو الإصابة بتيمّمه والمثوبة بتعمّده أن يتتبع هذه الطبقة من الكفار، ويطهّر الأرض من بقيتهم الفجار، فتبحّث عن أخبارهم، وأمر بتقصّي آثارهم، وأن ينهى إليه ما يصحّ من أمورهم، ويحصّل له من يظهر عليه من جمهورهم، فلم يبعد أن أحضر أبو علي محمد [١] وزير أمير المؤمنين رجلا يقال له محمد بن علي الشلمغاني، ويعرف بابن أبي العزاقر، فأعلم أمير المؤمنين أنه من غمار الناس وصغارهم، ووجوه الكفّار وكبارهم، وأنه قد استزلّ خلقا من المسلمين، واستركّ طوائف من العمهين، وأنّ الطلب قد كان لحقه في الأيام الخالية فلم يدرك، وأودعت المحابس قوما [ممن] ضلّ وأشرك فلما رفع حكمه عنه، وأذن في استنقاذ العباد منه واطّلع من أبي عليّ على صفاء نية ونقاء طويّة في ابتغاء


[١] يعني الوزير ابن مقلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>