أخذ عن أبي عمرو بن العلاء وروى عن أيوب وعاصم الأحول وغيرهما، وأخذ عنه الأصمعي وسيبويه والنضر بن شميل وأبو فيد مؤرج السّدوسيّ وعلي بن نصر الجهضمي وغيرهم. وهو أول من استخرج العروض وضبط اللغة وحصر أشعار العرب، يقال إنه دعا بمكة أن يرزقه الله تعالى علما لم يسبق به، فرجع وفتح عليه بالعروض، وكانت معرفته بالايقاع، وهو الذي أحدث له علم العروض وكان يقول الشعر فينظم البيتين والثلاثة ونحوها.
قال الخليل بن أحمد: دخلت على سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس ووجدته يسقط في كلامه، فجلست حتى انصرف الناس، فقال: هل حاجة يا أبا عبد الرحمن! قلت أكبر الحوائج. قال: قل فإن مسائلك مقضية ووسائلك قوية.
قلت: أنت سليمان بن علي، وكان علي في العالم عليا وكان عبد الله بن العباس الحبر والبحر، وكان العباس بن عبد المطلب إذا تكلم أخذ سامعه ما يأخذ النشوان على نقر العيدان، وأراك تسقط في كلامك، وهذا لا يشبه محتدك ومنصبك، قال فكأنما فقأ في وجهه الرمّان خجلا فقال: لن تسمعه بعدها. ثم احتجب عن الناس، وأكبّ على النظر ثم أذن للناس في مجلس عامّ، فدخلت في لمة الناس فوجدته يفصح حتى خلته معدّ بن عدنان، فجلست حتى انصرف الناس. فقال: كيف رأيت أبا عبد الرحمن؟ فقلت رأيت كلّ ما سرني في الأمير، وأنشدت [١] :
لا يكون السريّ مثل الدني ... لا ولا ذو الذكاء مثل الغبيّ
لا يكون الألدّ ذو المعول المر ... هف عند الخصام مثل العيي
قيمة المرء قدر ما يحسن المر ... ء قضاء من الإمام علي
أي شيء من اللباس على ذي السرّ ... وأبهى من اللسان السري
ضينظم الحجة الشتيتة في السل ... ك من القول مثل نظم الهدي
وترى اللحن في لسان أخي الهي ... بة مثل الصدا على المشرفي