للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخليل لم يغفل منها إلا خلطا واحدا.

وقال الخليل [١] : كنت أخرج من منزلي فألقى رجلا من أربعة: رجلا أعلم مني فهو يؤم فائدتي، ورجلا مثلي فهو يؤم مذاكرتي، ورجلا متعلما مني فهو يؤمّ ثوابي، ورجلا دوني في الحقيقة، وهو يرى أنه فوقي ويحاول أن يتعلم مني وكأنه يعلمني فذاك الذي لا أكلمه ولا أنظر إليه.

وقال [٢] : الرجال أربعة: رجل يدري ويدري أنه يدري، فذاك عالم فاتبعوه، ورجل يدري ولا يدري أنه يدري فذاك غافل فنبهوه، ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري فذاك جاهل فعلموه، ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذاك مائق فاحذروه.

وقال الناشىء يهجو داود بن علي الأصبهاني الفقيه [٣] :

أقول كما قال الخليل بن أحمد ... وإن شئت ما بين النظامين في الشعر

عذلت على من لو علمت بقدره ... بسطت وكان العذل واللوم من عذري

جهلت ولم تعلم بأنك جاهل ... فمن لي بأن تدري بأنك لا تدري

وأنشد علي بن هارون عن أبيه في معناه:

يدعي العلم بالنجوم كما قد ... يدعي مثل ذاك في كل أمر

وهو في ذاك ليس يدري ولا يد ... ري من النوك أنه ليس يدري

وقال الخليل [٤] : تكلم أربعة أملاك بأربع كلمات كأنها رمية واحدة. قال كسرى: أنا على ردّ ما لم أقل أقدر مني على ردّ ما قلت. وقال قيصر: لا أندم على ما لم أقل، وقد أندم على ما قلت. وقال ملك الصين: إذا تكلمت بالكلمة ملكتني، وإذا لم أتكلم بها ملكتها. وقال ملك الهند: عجبت لمن يتكلم بالكلمة إن وقعت عليه ضرّته، وإن لم ترفع عليه لم تنفعه. قال الخليل: وطلبت لها نظائر في أشعار العرب فوجدت منها في قول الشاعر:


[١] نور القبس: ٦٠.
[٢] نور القبس: ٦١ وعيون الأخبار ٢: ١٢٦.
[٣] نور القبس: ٦١.
[٤] نور القبس: ٦١- ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>