للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله، صلّى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة. قال الأعمش: ومعنى يتخولنا، يتعاهدنا، فقال له أبو عمرو: إن كان يتعاهدنا فيخوّننا [١] ، فأما يتخوّلنا فيستصلحنا. فقال له الأعمش: وما يدريك؟ فقال له أبو عمرو: إن شئت يا أبا محمد أن أعلمك الساعة أن الله ما علمك شيئا مما تدعيه فعلت. قال أبو الطيب: والصحيح [ما] ذهب إليه أبو عمرو.

وقال الأصمعي: لقد ظلمه أبو عمرو. قال: يتخولنا ويتخوننا جميعا، فمن قال: يتخولنا يستصلحنا، ومن قال يتخوننا يتعهدنا؛ قال: والرواية باللام والمعنى متقارب.

وحدث أبو الطيب قال [٢] : كان أبو عمرو يميل إلى القول بالإرجاء، فحدث الأصمعي قال: قال عمرو بن عبيد لأبي عمرو: يا أبا عمرو؟ وهل يخلف الله وعده؟

قال لا، قال: أفرأيت من أوعده الله عقابا أيخلف وعده؟ قال من العجمة أتيت يا أبا عثمان، إن الوعد غير الوعيد، لأن العرب لا تعد عارا ولا خلفا أن تعد شرا ثم لا تفعله، ترى ذلك كرما وفضلا وإنما الخلف أن تعد خيرا ولا تفعله. قال له: أوجد هذا في كلامهم، فأنشده:

ولا يرهب ابن العمّ ما عشت صولتي ... ولا يختتي [٣] من خشية المتهدّد

وإني وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي

قال المؤلف: هذا جملة ما جرى بينهما من المناظرة على ما توجه في كتب العلماء، ثم أضاف إليها بعض المعتزلة شعرا مولدا أتمّ الخبر به، وجعل الحجة له فيهما. فقال عمرو بن عبيد: بل أنت يا أبا عمرو شغلك الإعراب عن طلب


[١] يتخوننا عند الأصمعي بمعنى يتعهدنا؛ وفي رواية يتحولنا- بالحاء المهملة- أي يطلب الأحوال التي ننشط فيها.
[٢] مراتب النحويين ١٧- ١٨ والنقل هنا أوفى، وفي المراتب المطبوع نقص، وانظر إنباه الرواة ٤: ١٣٣ وأورد الصفدي جانبا من الخبر ثم قال: وهو خبر فيه طول استوفاه ياقوت في معجم الأدباء.
[٣] يختتي: يستحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>