للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النفاق، والفريقان في ذاك كما قلت منذ أيام:

أيا ربّ كلّ الناس أبناء علّة ... أما تعثر الدنيا لنا بصديق

وجوه بها من مضمر الغلّ شاهد ... ذوات أديم في النفاق صفيق

اذا اعترضوا عند اللقاء فانهم ... قذى لعيون أو شجى لحلوق

وإن أظهروا برد الودود وظلّه ... أسرّوا من الشحناء حرّ حريق

أخو وحدة قد آنستني كأنني ... بها نازل في معشر ورفيق

فذلك خير للفتى من ثوائه ... بمسبعة من صاحب وصديق

ومن خط أبي علي المحسن بن إبراهيم بن هلال: حدثني والدي رحمه الله قال: وصفت وأنا حدث للوزير أبي محمد المهلبي، وهو يومئذ يخاطب بالأستاذ، فاستدعى عمي أبا الحسن ثابت بن إبراهيم وسأله عني، والتمس منه [إلحاقي به] ووعده فيّ بكلّ جميل، فخاطبني عمي في ذلك وأشار عليّ به، فامتنعت لانقطاعي إلى النظر في العلوم. وكنت مع هذه الحال شديد الحاجة إلى التصرّف لقرب العهد بالنكبة من توزون التي أتت على أموالنا، فلم يزل بي أبي حتى حملني إليه، فلما رآني تقبّلني وأقبل عليّ ورسم لي الملازمة، وبحضرته في ذلك الوقت جماعة من شيوخ الكتّاب، فلما كان في بعض الأيام وردت عليه عدة كتب من جهات مختلفة، فاستدعاني وسلّمها إليّ، وذكر لي المعاني التي تتضمنها الأجوبة، وأطال القول، فمضيت وأجبت عن جميعها من غير أن أخلّ بشيء من المعاني التي ذكرها، فقرأها حتى أتى على آخرها، وتقدّم إليّ في الحال بإحضار دواتي والجلوس بين يديه متقدما على الجماعة، فلزم بعضهم منزله وجدا وغضبا، وأظهر بعضهم التعالل، فلم أزل أتلطّف وأداري وأغضي على قوارص تبلغني حتى صارت الجماعة إخواني وأصدقائي.

وقرأت بخطه أيضا، وفي «كتاب الوزراء» لابنه- قال المحسن: حدثني والدي، وقال هلال: حدثني جدي، واللفظ والمعنى يزيد وينقص، والاعتماد على ما في كتاب هلال لأنه أتم- قال أبو إسحاق: كنت في مجلس الوزير أبي محمد المهلبي في بعض أيام الحداثة جالسا في مجلس أنسه، وبين يديه أبو الفضل العباس ابن الحسين وأبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن وأبو علي الحسين بن محمد الأنباري

<<  <  ج: ص:  >  >>