فأصبح مغبرّ البلاد مؤزّرا ... به زهر غضّ كأخلاقك الزّهر
وعدت وبالبيت الحرام صبابة ... إليك وبالركن المعظم والحجر
وللحجر المسودّ نحوك صبوة ... للثمك إياه بأبيض ذي نشر
وقد صحب الحجاج منك مباركا ... غزير الندى طلقا محيّاه ذا بشر
أخا كرم إن أخلف الغيث أخلفت ... يداه بمنهلّ من البيض والصّفر
فكلّهم مثن عليك وشاكر ... لنعماك مغمور بنائلك الغمر
خصصتك بالمدح الذي أنت أهله ... فجاءك من صدر امرىء ناحل الصدر
وأيسر ما أخفيه ما أنا مظهر ... فدع عنك شعري، جلّ قدرك عن شعري
ومن شعره في زعيم الدين المذكور، من أبيات وقد ورد كتابه من فيد «١» :
فإن تك محرما من ذات عرق ... فقد حرّمت غمضي بالعراق
فها فتوى أتتك فقل سريعا ... تبرّز سابقا يوم السباق
شمائلك الشّمول فكيف تقضي ... فروض الحج بالكأس الدهاق
وأنت الطيب إن صافحت كفا ... تحلل محرما بدم مراق
ولما جاءت البشرى بكتب ... فكانت كالقميص على الحداق
ضممت إلى الفؤاد كتاب فيد ... فضاعف برده حرّ اشتياقي
وقبلت المداد فخلت أني ... أقبّل ذا لمى حلو العناق
فخبّر بالسلامة ثم نبىء ... فإن الماء ضاق عن الرفاق
وكيف يضيق ماء عن حجيج ... وسحب يديك ماء ذو انبعاق
سلمت على الأنام ولي خصوص ... وحاطك رافع السبع الطباق
اجتمع جماعة من الحنابلة بمسجد ابن شافع الحنبلي برأس درب المطبخ يسمعون كتاب ابن مندة في فضائل أحمد بن حنبل ومحنته في القرآن، وما جرى له مع الخلفاء من بني العباس، فذموهم ولعنوهم، وذموا أبا حنيفة والأشعري، وكان