الكتاب يقرأ على ابن الخشاب، فأنكر عليهم إنسان دمشقي فقيه وقال: هذا لا يجوز. تلعنون أئمة المسلمين، وفقهاء الدين. فقاموا إليه وسبّوه، وهموا به.
ووصل الخبر إلى الخليفة، فتقدم إلى حاجب الباب بأخذهم وأخذ ابن الخشاب، وأن يركبوا بقرا ويشهّروا بالبلد. فقبض على جماعة منهم، وهرب ابن الخشاب، فلحق بالحلة إلى أن شفع فيه، فعاد، فقال ابن الخشاب في غيبته:
إذا دار السلام نبت بمثلي ... فجنّبت السلامة والسلاما
ولا جرت الصّبا إلا سموما ... بها وهمت سحائبها سماما
وكتب إلى الخليفة يستعطفه، وهو المستنجد بالله:
ألا قل لمستنجد بالإله ... بعدلك أصبحت مستنجدا
وما لي ذنب سوى أنني ... شأوت بني زمني أمردا
وإني وإن عدّت المشكلات ... كنت الهزار وكانوا الصدى
حدث الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود النجار في مجلس مفاوضة، قال: حدثني شيخنا مصدق بن شبيب الواسطي النحوي قال: قدمت من واسط إلى بغداد في طلب العلم والنحو، وكان الشيخ أبو محمد هو المشار إليه في الدنيا بهذا الشأن، فأحببت مكاثرته والأخذ عنه، ولم يكن له مجلس في وقت معلوم فأقصده إليه، وإنما كان على حسب أغراضه تارة يلعب بالشطرنج، وتارة يجلس إلى عطار في السوق، وتارة في دار الوزير والأكابر، فكنت له بالرصد، ليس همي إلا تتبعه. فقال لي يوما: يا هذا قد أبرمتني وآذيتني بكثرة اتباعك لي، وما مثلي ومثلك إلا رجل من أبناء الثروة والصلاح، وكان له ولد في غاية التخلف والإدبار، قد ألهم محبة القمار، وكان يفسد أموال أبيه، ولا يزال يجيئه عريان وقد قمر ثيابه وجميع ما عنده، ويسرق أمواله، ويفسدها في ذلك، فحضرت الشيخ الوفاة فاستدعى ولده، وقال له: يا بنيّ، يقال أنفك منك وإن كان أجدع، والله ما كنت أحبّ أن يكون لي ولد مثلك، ولكنّ أمر الله لا يرفع، وقد علمت أنك لا تترك هذه العادة السيئة بعد موتي إذ كنت لم تتركها في حياتي، ولكن أحب أن تطيعني في شيء واحد، وتقسم لي بالله وبأيمان البيعة أنك تعمل بها: إذا أنا مت وملكت مالي فلا تقامر إلا مع من يجمع الناس على