والمعروفات، ينفخ في شقاشقه، ويزبد في بقابقه، ويتعاظم في مخارقه. وجعل القوم يقسمون بيننا الألحاظ، ويحسبون الألفاظ، وما منهم إلا من اغتاظ لسكوتي وكلامه، وتأخري وإقدامه. ثم هذى الشيخ إذ وصف له رجل على الغيب ثم رآه، فاحتقره وازدراه، وأنشد متمثلا:
لعمر أبيك تسمع بالمعيدي ... بعيد الدار خير أن تراه
فقال: هذا المعيدي هو ضمرة بن ضمرة بن جابر بن قطن بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرّة بن أدّ بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. والمعيديّ تصغير معدي وهو الذي قالت فيه نادبته:
أنعى الكريم النهشلي المصطفى ... أكرم من خامر أو تخندفا
فقلت: ما بعد هذا المقال، وجه للاحتمال، وما يجب لي بعد هذه المواقحة، غير المكافحة، ولم يبق لي بعد المغالبة، من مراقبة.
ما علتي وأنا جلد نابل ... والقوس فيه وتر عنابل
تزلّ عن صفحته المعابل ... ما علّتي وأنا [رجل] جلد
والقوس فيه وتر عردّ ... مثل ذراع البكر أو أشدّ
فعطفت عليه عطف الثائر العاسف، والتفتّ إليه التفات الطائر الخاطف، فقلت له: يا أخا هيت، قد قلت ما شيت، فأجب الآن إذ دعيت، والزم مكانك، وغض عنانك، وقصّر لسانك، إنّ نادبة ضمرة خندفته، لما وصفته، وما سمعت في نسبتك إياه لخندف ذكرا، فأبن عن ذلك عذرا. فقال: إن خندف هي امرأة الياس بن مضر غلبت على بنيها، فنسبوا إليها، كطهيّة ومزينة، وبلعدوية وعرينة، والسلكة وجهينة، وندبة وأذينة، وكشبيب بن البرصاء، وابن الدّعماء. فقلت له: سئلت، فأجبت وأصبت، فأخبرني عن خندف هل هو اسم موضوع؟ فوقف عند ذلك حماره، وخمدت ناره، وركد جريانه، وسكن هذيانه، وفتر غليانه، وظهر حرانه، وذلّ وانقمع، وانطوى واجتمع، فاضطره الحياء، وألجأه الاستخذاء إلى أن قال وهو