للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبغض كلّ من مال إليه، فأمر بنفيه إلى السند وضربه ثلاثمائة سوط، فسأل أن يكون الضرب من فوق الثياب لضعفه عن ذلك، فأجيب إلى ذلك، وأقام منفيا ثلاث سنين، وتزوج المتوكل «فريدة» بعد ذلك فولدت له ابنه أبا الحسن.

وحدث حمدون بن إسماعيل قال: دعاني المعتصم يوما فدخلت إليه وهو في بعض مجالسه، وإلى جنبه باب صغير، فحادثته مليا إلى أن رأيت الباب قد حرّك وخرجت منه جارية بيضاء مقدودة حسنة الوجه، وبيدها رطل وعلى عنقها منديل، فأخذ الرطل من يدها فشربه، ثم قال: اخرج يا حمدون، فخرجت فكنت في دهليز الحجرة، فلم ألبث أن دعاني، فدخلت وهو جالس على حاله، فحادثته مليا ثم حرك ذلك الباب فخرجت جارية كأحسن ما يكون من النساء سمراء رقيقة اللون بيدها رطل، فأخذه وشربه، وقال: ارجع إلى مكانك، فخرجت فلبثت ساعة هناك، ثم دعاني فأتيته وحادثته ساعة، وحرك الباب فخرجت أحسن الثلاث بيدها رطل ومعها منديل، فأخذ الرطل فشربه، وقال: ارجع إلى مكانك، فخرجت فلبثت ساعة، ثم دعاني فدخلت فقال لي: أتعرف هؤلاء؟ قلت: معاذ الله أن أعرف أحدا ممن هو داخل دار أمير المؤمنين، فقال: إحداهن ابنة بابك الخرّمي، والأخرى ابنة المازيار، والثالثة ابنة بطريق عمورية، افترعتهن الساعة، وهذا نهاية الملك يا حمدون.

وأما أبو محمد ابن حمدون فذكر جحظة أن مولده في سنة سبع وثلاثين ومائتين، وتوفي ببغداد في رمضان سنة تسع وثلاثمائة، ونادم المعتمد وخصّ به وكان من ثقاته المتقدمين عنده، وله معه أخبار. وأما أبو العنبس بن أبي عبد الله بن حمدون أحد المشهورين بجودة الغناء والصنعة فيه، وابنه إبراهيم بن أبي العنبس أيضا من المجيدين في الغناء وشجاء الصوت، فهؤلاء المعروفون بمنادمة الخلفاء من بني حمدون.

وحدث أحمد بن أبي طاهر أن ابن حمدون النديم حدثه أن الواثق بالله بسط جلّاسه وأمرهم أن لا ينقبضوا في مجلسه وأن يجروا النادرة على ما اتفقت عليه غير محتشمين، وان اتفق وقوعها عليه احتمل، قال: فغبرنا على ذلك مدة، وكان على إحدى عيني الواثق نكتة بياض، فلما كان في بعض الأيام أنشد الواثق أبيات أبي حية النميري:

<<  <  ج: ص:  >  >>