مرّت بنا في الدير خمصانه ... ساحرة «١» الناظر فتّانه
أبرزها الذكران «٢» من خدرها ... تعظّم الدير ورهبانه
مرت بنا تخطر في مشيها ... كأنما قامتها بانه
هبّت لنا ريح فمالت بها ... كما تثنّى غصن ريحانه
فتيمت قلبي وهاجت له ... أحزانه قدما وأشجانه
وحصلت بينها وبين أبي الفتح عشرة بعد ذلك، ثم خرج إلى الشام وتوفي بها ولا أعرف لها خبرا بعد ذلك.
قال أبو الفرج «٣» : وكنت انحدرت إلى البصرة منذ سنيّات، فلما وردتها صعدت من الفيض إلى سكّة قريش أطلب منزلا أسكنه لأني كنت غريبا لا أعرف أحدا من أهلها إلا من كنت أسمع بذكره، فدلني رجل على خان فصرت إليه واستأجرت «٤» فيه بيتا، وأقمت بالبصرة أياما، ثم خرجت عنها طالبا حصن مهديّ «٥» ، وكتبت هذه الأبيات على حائط البيت الذي أسكنه:
الحمد لله على ما أرى ... من ضيعتي «٦» من بين هذا الورى
أصارني الدهر إلى حالة ... يعدم فيها الضيف عندي القرى
بدّلت من بعد الغنى حاجة ... إلى كلاب يلبسون الفرا
أصبح أدم السوق لي مأكلا ... وصار خبز البيت خبز الشرا