بديعة، قال: ومن عمله قنديل بالمشهد بمقابر قريش مربّع غاية في حسنه.
قال الخالع: ومن مجونه في المناظرات وغيرها أنه ناظر أبا الحسن علي بن عيسى الرماني في مسألة، فانقطع الرماني وقال: أعاود النظر وربما كان في أصحابي من هو أعلم مني بهذه المسألة، فإن ثبت الحقّ معك وافقتك عليه، فأخذ يندّد به، ودخل أبو الحسن علي بن كعب الأنصاري أحد المعتزلة فقال: في أيّ شيء أنتم يابا الحسن؟ فقال: في ثيابنا، فقال: دعنا من مجونك وأعد المسألة فلعلنا أن نقدح فيها، فقال: كيف تقدح وحرّاقك رطب؟ ومنه: حكايته المشهورة مع الأشعري الذي ناظره فصفعه فقال: ما هذا يا أبا الحسين؟ فقال: هذا فعل الله بك، فلم تغضب مني؟ فقال: ما فعله غيرك وهذا سوء أدب وخارج عن المناظرة، فقال: ناقضت، إن أقمت على مذهبك فهو من فعل الله، وإن انتقلت فخذ العوض، فانقطع المجلس بالضحك وصارت نادرة.
قال عبيد الله الفقير إليه تعالى مؤلف هذا الكتاب: لو كان الأشعريّ ماهرا لقام إليه وصفعه أشدّ من تلك ثم يقول له: صدقت تلك من فعل الله بي وهذه من فعل الله بك، فتصير النادرة عليه لا له.
قال الخالع فأنشدني يوما لنفسه من قصيدة:
تجاه الشظا جنب الحمى فالمشرف ... حيال الربى فالشاهق المتشرف
فقلت له: بم ارتفعت هذه الأسماء وهي ظروف؟ فقال بما يسوءك. وبعد هذا البيت:
طلول أطال الحزن لي حزن نهجها ... وألزمني وجدا عليها التأسّف
فإذا حمل ما قاله على أن يجعل تلك الظروف هي الطلول وهي ما شخص من الأرض وجعلت شخوصا جاز الرفع على هذا التأويل، وإن جعلت محالّ للطلول فليس إلا النصب.
ومن هذه القصيدة:
وقفت على أرجائها أسأل الربى ... عن الخرّد الأتراب والدار صفصف
وكيف يجيب السائلين مرابع ... عفتها شآبيب من المزن وكّف