المجنون، فقلت له: إنه يحكي النحو عن أبي علي كما أنزل، فقال: صدقت هو يحكي النحو عن أبي علي كما أنزل.
وحدث ابن بشكوال في «كتاب الصلة» في أخبار علماء الأندلس قال قال الربعي: كان عبد الله بن حمود الزبيدي الأندلسي قد قرأ يوما على أبي علي في «نوادر الأصمعي» أكأت الرجل إذا رددته عنك، فقال أبو علي: ألحق هذه الكلمة بباب أجأ فإني لم أجد لها نظيرا غيرها، فسارع من حوله إلى كتابتها، فقال الربعي:
فقلت أيها الشيخ ليس أكأت من أجأ في شيء، قال: وكيف ذلك؟ قال قلت: لأن إسحاق بن إبراهيم الموصلي وقطربا النحوي حكيا أنه يقال كيأ الرجل إذا جبن فخجل الشيخ وقال: إذا كان كذا فليس منه، فضرب كل واحد منهم على ما كتب.
قرأت بخط هلال بن المظفر الزنجاني في كتاب ألفه: ذكر غير واحد من أهل زنجان أن رجلا منها يعرف بجابر بن أحمد خرج إلى بغداد متأدبا، فحين دخل قصد علي بن عيسى النحوي بعد أن لبس ثيابا فاخرة عطرة وتجمل وتزين ودخل عليه وسلّم، فقال له علي بن عيسى: من أين الفتى؟ قال: من الزنجان بالألف واللام، فعلم الربعي أن الرجل خال من الفضل، فقال: متى وردت؟ قال: أمس، فقال:
جئت راجلا أم راكبا فقال: بل راكبا، قال: المركوب مكترى أم مشترى؟ قال: بل مكترى، فقال الشيخ: مرّ واسترجع الكريّ فإنه لم يحمل شيئا، ثم أنشد الشيخ:
وما المرء إلا الاصغران لسانه ... ومعقوله والجسم خلق مصوّر