للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به، فحلّ عينه وغسلها من الدواء الذي فيها وقال لي: كل حتى آكل فقلت: يا سيدي عينك رمدة، فكيف تأكل رطبا؟ فقال: كلّ فعيني تهدأ والرطب يفنى، فأكل والله منه حتى وقف.

قال وحدثني قال: كنت ليلة بائتا عنده، فهبت ريح شديدة فما زال طرف النطع الذي تحته يصعد وينزل ويصفق رأسه فقال: هذا سقوط الساعة ومصافعة، فقلت:

ممن يا سيدنا؟ فقال: فضولك، وضحكنا.

قال وحدثني قال، حدثني القاضي قال: كنت يوما في وقت القيلولة نائما فاجتاز واحد غثّ يصيح صياحا أزعجني وأيقظني: شرّاك النعال، شرّاك النعال، فقلت لأحمد الغلام: خذ كلّ نعل لي ولمن في داري وأخرجها إلى هذا الرجل ليرمها ويشتغل بها، ففعل ونمت إلى أن اكتفيت، ثم انتبهت وصليت العصر وأعطيته أجرته ومضى، فلما كان من غد في مثل ذلك الوقت جاء وأنا نائم فصاح وأنبهني، فقلت للغلام: أدخله فأدخله، فقلت: يا ماصّ كذا وكذا من أمه، أمس في هذا الوقت أصلحت كلّ نعل لنا، وعدت اليوم تصيح على بابنا، أبلغك أننا البارحة تصافعنا بالنعال وقطعناها وقد عدت اليوم لعملها وإصلاحها؟! قفاه، فقال: يا سيدنا القاضي أو أتوب ألا أدخل هذا الدرب؟ قلت: فما تتركني أنام ولا أهدأ ولا أستقر، فحلف أن لا يعود إلى الدرب، وأخرجته إلى لعنة الله.

قال: ورأيته يوما عند الرئيس الوالد رضي الله عنهما وهو يشكو اليه قبيح أبي القاسم ابن المسلمة رئيس الرؤساء وقصده له وغضّه منه، وتناشى «١» غضبه إلى أن أخذ الدواة من بين يدي الرئيس ورفعها إلى فوق رأسه وقال: والله لقد بال في حجري وعلى ثيابي بعدد الرمل والحصى والتراب، وحطّ الدواة فضرب بها الأرض فتكسّرت، فلما رأى ذلك قام وانصرف وقد استحيى، وبقينا متعجبين منه.

قال وحدثني أبو سعد الماندائي قال: كنت مع القاضي التنوخي وقد خرج يوما من دار الخلافة ليعبر إلى داره بالجانب الغربي، فلما بلغنا مشرعة نهر معلّى صاح به الملاحون: يا شيخ يا شيخ تعال هنا تعال هنا، فوقف وقال لهم: كل مردي معكم

<<  <  ج: ص:  >  >>