ومجذاف في كذا وكذا من نسائكم، ما فيكم إلا من يعرفني ويعلم أنني القاضي التنوخي يا كذا وكذا، ثم نزل وهو يسبهم ويشتمهم، والملاحون وأنا قد متنا من الضحك.
وجاءه غلام قد تزوج وكتب كتابا بمهر يشهده فيه، فاستحيى الغلام من ذلك، فجذب طاقة من حصير القاضي وجعل يقطعها بيده لحياته وخجله، ولحظه القاضي فقال: يا هذا أنا أشهد لك في كتاب يقتضي أن يحمل به إليك القماش والجهاز اللذان يعمران بيتك ويجمّلان أمرك، وأنت مشغول بقطع حصيري وتخريب بيتي؟! وشقّ الكتاب قطعا ولم يشهد فيه، ورمى به إليه فأخذه وانصرف متعجبا.
قال وحدثني الرئيس أبو الحسين والدي قال: شهد القاضي أبو القاسم منذ سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وإلى أن توفي في المحرم سنة سبع وأربعين وأربعمائة، وكان مولده يوم الثلاثاء النصف من شعبان سنة خمس وستين وثلاثمائة، نيفا وستين سنة ما وقف له على زلة ولا جرحة ولا غلطة؛ وأذكر له حكاية تذكر وهي أنه شهد مع جماعة من الشهود على زوجة أبي الحسن ابن أبي تمام الهاشمي نقيب النقباء في إقرار أقرّت له، فلما سمعوا إقرارها من وراء الستارة لم يقنعهم ذاك، وأرادوا من يشهد عندهم أن المقرّة هي المذكورة في الكتاب بعينها، أو أن يشاهدوها حتى يسلّم لهم ويصحّ أن يشهدوا عليها بالمعرفة، فلم يقدموا على ذلك وخطاب ابن أبي تمام فيه، فخرج ولده منها، فقام له التنوخي وأخذه في حجره وقبّل رأسه وقال له قليلا قليلا: من هذه التي تكلّمنا من وراء الستارة وتحدثنا وتشهدنا عليها؟ فقال له: ستّي، فالتفت إلى الجماعة وقال لهم: اشهدوا يا سادة فأنا أشهد عندكم أنّ المقرّة عندنا من وراء الستارة هي المذكورة في الكتاب بعينها، فشهدوا وشهد معهم، وقال من بعد: هذا صبيّ لا يعرف ما نحن فيه، ولو كان خلف الستارة غير ستّه لقال، ولما كانت هي بعينها قال هي ستي، ولعمري لقد كان أبو الحسن أجلّ من أن يفعل هذا معنا.
قال أبو الحسن: كان لنا غلام يعرف بجميلة فابتاع ألف سابل سرجينا من ملّاح يعرف بالدابة ليحمله إلى قراحنا المشجّر في نهر عيسى ويطرح في أصول الشجر، فلما ذكر جميلة ذلك للرئيس رضي الله عنه قال له: اكتب عليه خطا وأشهد عليه، يعني المعلم في الدار ومن يجري مجراه، فكتب جميلة على الملاح رقعة ومضى بها لا يلوي