بمائة بيت وقال: أنشدني من هاهنا، فأنشدته من مائة بيت فيها إلى آخرها، فهاله ما رأى من حسن حفظي، فضمني إليه وقبّل رأسي وعيني وقال: بالله يا ابني لا تخبر بهذا أحدا فإني أخاف عليك من العين.
قال أبو علي قال لي أبي «١» : حفظني أبي وحفظت بعده من شعر أبي تمام والبحتري سوى ما كنت أحفظ لغيرهما من المحدثين من الشعراء مائتي قصيدة، قال:
وكان أبي وشيوخنا بالشام يقولون من حفظ للطائيين أربعين قصيدة ولم يقل الشعر فهو حمار في مسلاخ إنسان، فقلت الشعر، وبدأت بمقصورتي التي أولها:
لولا التناهي لم أطع نهي النهى ... أيّ مدى يطلب من جاز المدى
قال أبو علي المحسن: وحدت في كتب أبي كتابا من أبي محمد المهلبي إليه قبل تقلده الوزارة بسنين أوله: كتابي أطال الله بقاء سيدنا القاضي عن سلامة لا زالت له إلفا وعليه وقفا:
وحمد لمولى أستمدّ بحمده ... له الرتبة العلياء والعزّ دائما
وأن يسخط الأيام بالجمع بيننا ... وترضى المنى حتى يرينيك سالما
وصل كتابه أدام الله عزّه فقمت معظما له وقعدت مشتملا على السرور به:
وفضضته فوجدته ... ليلا على صفحات نور
مثل السوالف والخدو ... د البيض زينت بالشعور
بنظام لفظ كالثغو ... ر وكاللآلىء في النحور
أنزلته في القلب من ... زلة القلوب من الصدور
قال أبو علي في «النشوار» «٢» حدثني أبو العلاء صاعد بن ثابت قال: كتب إليّ القاضي التنوخي جواب كتاب كتبته إليه: وصل كتابك:
فما شككت وقد جاء البشير به ... أنّ الشباب أتاني بعد ما ذهبا