العامري، ولولا طول الرسالة لرسمت ذلك كله في هذا المكان «١» ، فمن طريف ما جرى وفي سماعه فائدة واعتبار خبر أبي سعيد السيرافي مع أبي الحسن العامري (وقد ذكرته في أخبار السيرافي) .
قال أبو حيان «٢» : وحضرت المجلس يوما آخر مع أبي سعيد وقد غصّ بأعلام الدنيا وببرد «٣» الآفاق، فجرى حديث أبي إسحاق الصابىء فقال ذو الكفايتين: ذاك رجل له في كلّ طراز نسج وفي كل حومة «٤» رهج وفي كل فلاة ركب، ومن كل غمامة سكب، الكتابة تدّعيه بأكثر مما يدعيها والبلاغة تتحلّى به بأحسن مما يتحلّى هو بها، وما أحلى قوله:
حمراء مصفرّة الأحشاء باعثة ... طيبا تخال به في البيت عطارا
كأن في وجهه تبرا يخلّصه ... قين يضرّم في أفنانه «٥» النارا
وقوله:
ما زلت في سكري ألمع كفّها ... وذراعها بالقرص والإثآر
حتى تركت أديمها وكأنما ... غرس البنفسج منه في الجمار
وبلغ المجلس أبا اسحاق فحضر وشكر، وطوى ونشر، وأورد وأصدر، وكان كاتب زمانه لسانا وقلما وشمائل، وكان له مع ذلك يد طولى في العلم الرياضي، وسمعت أبا إسحاق يقول: هو ابن أبيه لله دره، وأخذ في تعظيم ابيه.
قال عبد الله الفقير إليه: وقد ذكر أبو حيان قصة أبي الفتح ابن العميد وسبب القبض عليه مبسوطة مشروحة، وقد نقلتها هاهنا عنه بكمالها فإني لم أجد أحدا ذكرها أكمل منه، قال «٦» : لما مات ركن الدولة سنة ست وستين وثلاثمائة اجتمع ذو الكفايتين أبو الفتح وعلي بن كامة أحد أمراء الديلم والأعيان وتعاهدا وتواثقا وتحالفا، وبذل كلّ واحد منهما الاخلاص لصاحبه في المودة في السرّ والعلانية والذب والتوقير