للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عضد الدولة وهو يفتل الحبل ويبرم، ويهاب مرة ويقدم، وكان الحديث قد بيّت بليل واهتم به قبل وقته بزمان، فقال علي بن كامة: فما الرأي الآن؟ قال: لا أرى أمثل من طاعة الملك في القبض عليه، وقد كنّا على ذلك قادرين، ولكن كرهنا أن يظنّ بنا أنا هجمنا على ناصحنا ومرتّب نعمتنا وناشىء دولتنا فمهدنا عندك العذر وأوضحنا لك الأمر، قال فأنا أكفيكموه ثم قبض عليه وكان منه ما كان، واستدعى ابن عباد من أصفهان وولي الوزارة ودبّرها برأي وثيق وجدّ زنيق.

وذكر أبو علي مسكويه في بعض كتبه قال «١» : كان حسنويه بن الحسين الكردي قد قوي واستفحل أمره لما وقع من الشغل عنه بالفتوح الكبار، لأنه كان إذا وقع حرب بين الخراسانية وبين ركن الدولة أظهر عصبية الديلم وصار في جملتهم وخدم خدمة يستحقّ بها الاحسان، إلا أنه كان مع ما أقطع وأغضي عنه من الأعمال التي تبسّط فيها والاضافات التي يستولي عليها ربما تعرض لأطراف الجبل وطالب أصحاب الضياع وأرباب النعم بالخفارة والرسوم التي يبدعها، فيضطرّ الناس إلى إجابته، ولا يناقشه السلطان، فكان يزيد أمره على الأيام ويتشاغل الولاة عنه، إلى أن وقع بينه وبين سهلان بن مسافر خلاف ومشاحّة تلاجّا فيها، إلى أن قصده ابن مسافر فهزمه حسنويه، وكان يظنّ ابن مسافر أنه لا يكاشفه ولا تبلغ الحرب بينهما إلى ما بلغت إليه، فلم تقف الحرب بينهما حيث ظنّ وانتهى الأمر بينهما إلى أن اجتمع الديلم وأصحاب السلطان بعد الهزيمة إلى موضع شبيه بالحصار، ونزل الأكراد حواليهم ومنعوهم من الميرة وتفرقوا بازائهم، ثم زاد الأمر وبلغ إلى أن أمر حسنويه الأكراد أن يحمل كلّ فارس منهم على رأس رمحه ما أطاق من الشوك والعرفج ويقرب من معسكر سهلان ما استطاع ويطرحه هناك، ففعلوا ذلك وهم لا يدرون ما يريد بذلك، فلما اجتمع حول عسكر سهلان شيء كثير في أيام كثيرة تقدّم بطرح النار فيه من عدة مواضع فالتهب، وكان الوقت صيفا وحميت الشمس عليهم مع حرّ النار، فأخذ بكظمهم وأشرفوا على التلف، فصاحوا وطلبوا الأمان، فرفق بهم وأمسك عما همّ به، وبلغ ذلك ركن الدولة فلم يحتمل ذلك كلّه، وتقدم إلى وزيره أبي الفضل محمد بن الحسين العميد، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>