للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يأس من روح الإله فربما ... يصل القطوع ويحضر الغياب

وإذا دنوت مواصلا فهو المنى ... سعد المحبّ وساعد الأحباب

وإذا نأيت فليس لي متعلّل ... إلا رسول بالرضى وكتاب

وحدث أبو علي المحسن بن علي التنوخي القاضي في «نشوار المحاضرة» «١» قال حدثني أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون بن المنجم قال حدثني أبي قال: كنت وأنا صبيّ لا أقيم الراء في كلامي وأجعلها غينا، وكانت سنّي إذ ذاك أربع سنين أقل أو أكثر، فدخل أبو طالب المفضل بن سلمة أو أبو بكر الدمشقي- شك أبو الفتح- إلى أبي وأنا بحضرته، فتكلمت بشيء فيه راء فلثغت فيها، فقال له الرجل: يا سيدي لم تدع أبا الحسن يتكلم هكذا؟ فقال له: ما أصنع وهو ألثغ، فقال له، وأنا أسمع وأحصّل ما جرى وأضبطه: إن اللثغة لا تصحّ مع سلامة الجارحة، وإنما هي عادة سوء تسبق إلى الصبيّ أول ما يتكلم لجهله بتحقيق الألفاظ وسماعه شيئا يحتذيه، فإن ترك على ما يستصحبه من ذلك مرن عليه فصار له طبعا لا يمكنه التحول عنه، وإن أخذ بتركه في أول نشوه استقام لسانه وزال عنه، وأنا أزيل هذا عن أبي الحسن ولا أرضى فيه بتركك له عليه، ثم قال لي: أخرج لسانك، فأخرجته فتأمله وقال: الجارحة صحيحة، قل يا بني را واجعل لسانك في سقف حلقك، ففعلت ذلك فلم يستولي، فما زال يرفق بي مرة ويخشن بي أخرى وينقل لساني من موضع إلى موضع من فمي ويأمرني أن أقول الراء فيه فإذا لم يستو لي نقل لساني إلى موضع آخر دفعات كثيرة في زمان طويل حتى قلت راء صحيحة في بعض تلك المواضع، وطالبني وأوصى معلمي بالزامي ذلك حتى مرن لساني عليه وذهبت عنه اللثغة.

ومن «كتاب الروزنامجه» «٢» : قال الصاحب: وتوفرت على عشرة فضلاء البلد، فأول من كاثرني أولاد المنجم لفضل أبي الحسن علي بن هارون وغزارته واستكثار من روايته وطيب سماعه ولذيذ عشرته، فسمعت منه أخبارا عجيبة وحكايات غريبة، ومن ستارته أصواتا نادرة مشنّفة مقرطقة، يقول في كلّ منها الشعر لفلان

<<  <  ج: ص:  >  >>