قرأت بخط سلامة بن غياض: رأيت بالري بخط علي بن هلال «كتاب من نسب من الشعراء إلى أمه» لأبي عبد الله ابن الأعرابي وهم خمسون شاعرا وعلى ظهره «كتبه علي بن هلال في شهر ربيع الأول سنة تسعين وثلاثمائة» وبعد البسملة «يرويه ابن عرفة عن ثعلب عن ابن الأعرابي» وفي آخره بخطه «نقلته من نسخة وجدت عليها بخط شيخنا أبي الفتح عثمان بن جني النحوي أيده الله: بلغ عثمان بن جني نسخا من أوله وعرضا» .
وكان لابن البواب يد باسطة في الكتابة، أعني الانشاء، وفصاحة وبراعة، ومن ذلك رسالة أنشأها في الكتابة، وكتبها إلى بعض الرؤساء، ونقلتها من خط الحسن بن علي الجويني الكاتب أولها: قد افتتحت خدمة سيدنا الأستاذ الجليل، أطال الله بقاءه وأدام تمكينه وقدرته وتمهيده، وكبت عدوه، المثال المقترن بهذه الرقعة افتتاحا يصحبه العذر إلى جليل حضرته من ظهور التقصير فيه والخلل البادي لمتأمليه، وقد كان من حقوق مجلسه الشريف أن يخدم بالغايات المرضية من كلّ صناعة تأديا لسؤدده وعلائه، وتصديا للفوز «١» بجميل رائه، ولم يعدني عن هذه «٢» القضية جهل بها وقصور عن علمها، لكني هاجر لهذه الصناعة منذ زمن طويل هجرة قد أورثت يدي حبسة ووقفة حائلتين بينها وبين التصرف والافتنان، والوفاء بشرط الاجادة والاحسان، ولا خفاء عليه- أدام الله تأييده- بفضل الحاجة ممن تعاطى هذه الصناعة إلى فرط التوفر عليها، والانصراف بجملة العناية إليها، والكلف الشديد بها، والولوع الدائم بمزاولتها، فإنها شديدة النفار بطيئة الاستقرار، مطمعة الخداع وشيكة النزاع، عزيزة الوفاء، سريعة الغدر والجفاء، نوار قيدها الإعمال، شموس مهرها الوصال، لا تسمح ببعضها إلا لمن آثرها بجملته وأقبل عليها بكليته، ووقف على تألفها سائر زمنه، واعتاضها عن خلّه وسكنه، لا يؤيسه حيادها «٣» ولا يغرّه انقيادها، يقارعها بالشهوة والنشاط ويوادعها عند الكلال والملال، حتى يبلغ منها الغاية القصيّة ويدرك المنزلة العلية، وتنقاد الأنامل لتفتيح أزهارها وجلاء أنوارها، وتظهر الحروف موصولة