وتقول له خدمك وعبيدك الكتاب يقولون: العدل والانصاف موجودان عندك وعند أهلك، أخذتم منا رجلا من وجوه النبط فأخذنا مكانه وجها من وجوه أهلك، ذلك علي بن الهيثم جالس مع العرب، فردّوا علينا رجلنا وخذوا رجلكم، فضحك جميع من في داره وتشوّر علي بن الهيثم، وضحك المأمون وقال: لقد مني علي بن الهيثم من إبراهيم بن إسماعيل ببلاء عظيم.
وكان أبو يعقوب إسحاق بن حسان الخريمي قد أغري بهجاء علي بن الهيثم الأنباري الكاتب، وكان السبب في ذلك أنه وقع لأبي يعقوب عنده ميراث فدافعه فهجاه، وكان علي بن الهيثم متشدقا متفيهقا يدعي العربية ويقول إنه تغلبي، وكان من قرية يقال لها أنقوريا، ففي ذلك يقول الخريمي «١» :
أنقوريا قرية مباركة ... تقلب فخّارها إلى الذهب
محمد بن علي العباسي عن أبيه: قال شهدت علي بن الهيثم جونقا وقد حضره منارة صاحب الرشيد فقال له: يا منارة استلبت لوطي، فقال: أصلحك الله ما ظننتك تتلقّاني بمثل هذا، شيخ مثلي يلعب بالصبيان، فضحك جميع من في المجلس (اللّوط الازار، كأنه أراد أنك لم تحسن عشرتي وأنك أخذت ثيابي) .
وذكر حماد بن إسحاق عن بشر المريسي قال: حضرت المأمون أنا وثمامة ومحمد بن أبي العباس الطوسي وعلي بن الهيثم فتناظروا في التشيع، فنصر محمد بن أبي العباس مذهب الامامية، ونصر علي بن الهيثم مذهب الزيدية، وشرق «٢» الأمر بينهما إلى أن قال محمد بن أبي العباس لعلي بن الهيثم: يا نبطي ما أنت والكلام؟! فقال المأمون، وكان متكئا فجلس: الشتم عيّ والبذاء لؤم، وقد أبحنا الكلام وأظهرنا المقالات فمن قال بالحقّ حمدناه، ومن جهل وقفناه، ومن ذهب عن الأمر حكمنا فيه بما يجب، فاجعلا بينكما أصلا فإن الكلام الذي أنتم فيه من الفروع، فإذا افترعتما شيئا رجعتما إلى الأصول. ثم عادا إلى المناظرة فأعاد محمد بن أبي العباس لعلي بن الهيثم مثل مقالته الأولى فقال له عليّ: والله لولا جلالة المجلس وما وهب الله من