للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقائل إذ رأى عزفي عن الطلب ... أتهت أم نلت ما ترجو من النشب

قلت ابن يحيى عليّ قد تكفّل لي ... وصان عرضي كصون الدين للحسب

فقال التمار:

يذكي لزوّاره نارا منورة ... على يفاع ولا يذكي على صبب

من فارس الخير في أبيات مملكة ... وفي الذوائب من جرثومة الحسب

قال أحمد بن أبي طاهر فقلت:

له خلائق لم تطبع على طبع ... ونائل وصلت أسبابه سببي

كالغيث يعطيك بعد الريّ وابله ... وليس يعطيك ما يعطيك عن طلب

قال فوصلهم وخلع عليهم وحملهم.

قال عبيد الله حدثني أبو أحمد يحيى بن عليّ بن يحيى قال: اتصل أبي بأمير المؤمنين المتوكل على الله فغلب عليه وعلى الفتح بن خاقان بخدمته وأدبه وافتنانه وتصرفه في كلّ ما تشتهيه الملوك، وكان الفتح بن خاقان هو الذي وصفه للمتوكل، وكان بعد موت محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مصعب لأن أبي كان متصلا به وشديد الاختصاص بخدمته، حتى لقد مات محمد بن إسحاق ويده في يده، فلما مات دخل على الفتح بن خاقان فأنشده يمدحه قصيدة أولها:

سأختار من حرّ الكلام قصيدة ... لفتح بن خاقان تفوق القصائدا

يلذّ بأفواه الرواة نشيدها ... ويشنا بها من كان للفتح حاسدا

لعمرك إن الفتح مذ كان يافعا ... ليسمو إلى أعلا ذرى المجد صاعدا

قريع الموالي ساد في خمس عشرة ... موالي بني العباس لم يبق واحدا

وبذّهم طرّا ندى وشجاعة ... فألقوا إليه مذعنين المقالدا

قال: فلم أر الفتح اهتز لشيء من الشعر اهتزازه لهذه القصيدة، ولا سرّ بأحد قدم عليه سروره بعلي بن يحيى، ثم قام الفتح من فوره فدخل على المتوكل فعرّفه مكانه، فأذن له واستجلسه وأمر أن يخلع عليه، فخلع عليه خلع المجالسة، فكان آنس خلق الله به وأغلبهم عليه وعلى الفتح، وتقدم الجلساء جميعا عنده، ووثق به حتى عزم على إدخاله معه إلى الحرم اذا جلس معهنّ، وذاك أنه شكا إلى الفتح أنه إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>