ومن شعره:
ما ضرهم يوم جدّ البين لو وقفوا ... وزودوا كلفا أودى به الكلف
تخلفوا عن وداعي ثمّت ارتحلوا ... وأخلفوني وعودا ما لها خلف
وأوصلوني بهجر بعد ما وصلوا ... حبلي وما أنصفوني لكن انتصفوا
فليتهم عدلوا في الحكم إذ ملكوا ... وليتهم أسعفوا بالطيف من شعفوا
ما للمحبّ وللعذال ويحهم ... خانوا ومانوا ولما عنّفوا عنفوا
أستودع الله أحبابا ألفتهم ... لكن على تلفي يوم النوى ائتلفوا
عمري لئن نزحت بالبين دارهم ... عنّي فما نزحوا دمعي وما نزفوا
يا حبذا نظرة منهم على عجل ... تكاد تنكرني طورا وتعترف
سقت عهودهم غرّاء واكفة ... تهمي ولو أنها من أدمعي تكف
أحبابنا ذهلت ألبابنا ومحا ... عتابنا لكم الاشفاق والأسف
بعدتم فكأنّ الشمس واجبة ... من بعدكم وكأنّ البدر منخسف
يا ليت شعري هل يحظى برؤيتكم ... طرفي وهل يجمعن ما بيننا طرف
ومضمر في حشاه من محاسنكم ... لفظا هو الدرّ لا ما يضمر الصدف
كنا كغصنين حال الدهر بينهما ... أو لفظتين لمعنى ليس يختلف
فأقصدتنا صروف الدهر نابلة ... حتى كأنّ فؤادينا لها هدف
فهل تعود ليالي الوصل ثانية ... ويصبح الشمل منا وهو مؤتلف
ونلتقي بعد يأس من أحبتنا ... كمثل ما يتلاقى اللام والألف
وما كتبت على مقدار ما ضمنت ... مني الضلوع ولا ما يقتضي اللهف
فان أتيت بمكنوني فمن عجب ... وإن عجزت فان العذر منصرف
ومنهم أخوه أبو البركات عبد القاهر بن علي بن عبد الله بن أبي جرادة: كان ظريفا لطيفا أديبا شاعرا كاتبا له الخط الرائق والشعر الفائق والتهذيب الذي تبحّر في جودته ويلتحق بالنسبة إلى ابن البواب، والتأنق في الخط المحرر الذي يشهد بالتقدم في الفضل وان تأخر، سمع بحلب أباه أبا الحسن وغيره، وكتب عنه جماعة من