للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في لفظها عن أشياء وتتنكب ما قصدت له، فقال: فطنت لذلك، قلت: فغيّره، قال فكيف لي بما سارت به الركبان؟! فهو في كتابه على خطأه.

قال أبو محلم: أراد الفزاري بقوله هذا إن خير الحديث ما أومأت إليّ به وورّت عن الإفصاح به لئلا يعلمه غيرنا، ومثله قول الكلابي «١» :

ولقد لحنت لكم لكيما تفهموا ... ووحيت وحيا ليس بالمرتاب

ومنه قوله تعالى: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ

(محمد: ٣٠) أي فيما يتواحونه بينهم من النفاق والطعن.

قال المؤلف «٢» : وقد انتصر أبو حيان لهذا القول الذي اعترف الجاحظ بخطأه فيه فقال: وعندي أن المسألة محتملة للكلام، لأن مقابل المنطق الصائب المنطق الملحون، واللحن من الغواني والفتيات غير منكر ولا مكروه، بل يستحبّ ذلك لأنه بالتأنيث أشبه، وللشهوة أدعى، ومع الغزل أجرى، والإعراب جدّ وليس الجدّ من التغزل والتعشّق والتشاجي في شيء. وعلى مذهب علي بن يحيى أن المنطق الصائب هو الكلام الصريح، وأن اللحن هو التعريض وانها تعرف هذا وهذا، فهب أنّ هذا المعنى مقبول لم ينبغي أن يكون المعنى الآخر لهوجا ومردودا؟ وقد يجوز أن يكون مراد الشاعر ذاك لأنّ الشاعر يشعر بهذا كما يشعر بهذا.

قال أبو العيناء: أنشدني الجاحظ لنفسه في ابراهيم بن رباح:

وعهدي به والله يصلح أمره ... رحيب مجال الرأي منبلج الصدر

فلا جعل الله الولاية سبّة ... عليه فإني بالولاية ذو خبر

فقد جهدوه بالسؤال وقد أبى ... به المجد إلا أن يلجّ ويستشري

قال أبو علي التنوخي، حدثني أبو الحسن أحمد بن محمد الأخباري، قال حدثني أبو الفرج الأصبهاني، قال أخبرني الحسن بن القاسم بن مهرويه، قال حدثني عبد الله بن جعفر الوكيل، قال: كنت يوما عند إبراهيم بن المدبر فرأيت بين يديه رقعة

<<  <  ج: ص:  >  >>