للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النظام: ثم مات من يومه.

وحدث أبو حاتم السجستاني قال: دخلت على الأصمعي في مرضه الذي مات فيه فسألته عن خبره ثم قلت: كم سنة مضى من عمرك؟ فقال: لا أدري، ولكني أحدثك، كنت شابا مقتبلا فتزوجت فولد لي وولد لأولادي وأنا حي، ثم أنشد:

إذا الرجال ولدت أولادها ... واضطربت من كبر أعضادها

وجعلت أسقامها تعتادها ... فهي زروع قد دنا حصادها

فقلت له: في نفسي شيء أريد أن أسألك عنه، قال: سل، فقلت: حدثني بما جرى بينك وبين سيبويه من المناظرة، فقال: والله لولا أني لا أرجو الحياة من مرضتي هذه ما حدثتك: إنه عرض عليّ شيء من الأبيات التي وضعها سيبويه في كتابه، ففسرتها على خلاف ما فسره، فبلغ ذلك سيبويه، فبلغني أنه قال: لا ناظرته إلا في المسجد الجامع، فصليت يوما في الجامع ثم خرجت فتلقاني في المسجد فقال لي: اجلس يا أبا سعيد، ما الذي أنكرت من بيت كذا وبيت كذا، ولم فسرت على خلاف ما يجب؟ فقلت له: ما فسرت إلا على ما يجب، والذي فسّرته أنت ووضعته خطأ، تسألني وأجيب. ورفعت صوتي فسمع العامة فصاحتي ونظروا إلى لكنته، فقالوا: غلب الأصمعيّ سيبويه، فسّرني ذلك فقال لي: إذا علمت أنت يا أصمعيّ ما نزل بك مني لم ألتفت إلى قول هؤلاء، ونفض يده في وجهي ومضى. ثم قال الأصمعي: يا بنيّ فو الله لقد نزل بي منه شيء وددت أني لم أتكلم في شيء من العلم.

وعن أبي عثمان المازني قال، حدثني الأخفش قال: حضرت مجلس الخليل، فجاءه سيبويه فسأله عن مسألة وفسّرها له الخليل فلم أفهم ما قالا، فقمت وجلست له في الطريق فقلت له: جعلني الله فداءك، سألت الخليل عن مسألة فلم أفهم ما ردّ عليك ففهمنيه، فأخبرني بها فلم تقع لي ولا فهمتها، فقلت له: لا تتوهم أني أسألك إعناتا فاني لم أفهمها ولم تقع لي، فقال لي: ويلك ومتى توهمت أنني أتوهم أنك تعنتني، ثم زجرني وتركني ومضى.

وحدث المازني قال، قال الأخفش: كنت عند يونس فقيل له: قد أقبل

<<  <  ج: ص:  >  >>