للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهادي، فخرج الفضل بن الربيع يوما فقال: إنّ أمير المؤمنين يأمر من ببابه بالانصراف، فأما أنت يا ابن دأب فادخل، قال ابن دأب: فدخلت وهو منبطح على فراشه وأن عينيه لحمراوان من السهر وشرب الليل فقال لي: حدثني بحديث من حديث الشراب، فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، خرج نفر من كنانة إلى الشام يجلبون الخمر فمات أحدهم فجلسوا على قبره يشربون، فقال أحدهم:

لا تصرّد هامة من شربها ... اسقه الخمر وإن كان قبر

اسق أوصالا وهاما وصدى ... ناشعا ينشع نشع المنبهر

كان حرّا فهوى فيمن هوى ... كلّ عود ذي هنون منكسر

قال: فدعا بدواة فكتبها، ثم كتب إلى الخزان بأربعين ألف درهم وقال: عشرة آلاف لك وثلاثون ألفا للثلاثة الأبيات، قال: فأتيت الخزّان فقالوا: صالحنا على عشرة آلاف أنك تحلف لنا ألا تذكرها لأمير المؤمنين، فحلفت ألا أذكرها حتى يبدأني، فمات ولم يذكرها.

وحدث قال: دخل ابن دأب على عيسى بن موسى عند منصرفه من فخّ فوجده واجما يلتمس عذرا لمن قتل، فقال له: أصلح الله الأمير، أنشدك شعرا كتب به يزيد بن معاوية يعتذر فيه إلى أهل المدينة من قتل الحسين بن علي عليهما السلام؟

قال: أنشدني فأنشده «١» :

يا أيها الراكب الغادي لطيّته ... على عذافرة في سيرها قحم

أبلغ قريشا على شحط المزار بها ... بيني وبين حسين الله والرّحم

وموقف بفناء البيت أنشده ... عهد الإله وما ترعى به الذمم

عنّفتم قومكم فخرا بأمكم ... أمّ حصان لعمري برّة كرم

هي التي لا يداني فضلها أحد ... بنت الرسول وخير الناس قد علموا

وفضلها لكم فضل وغركم ... من قومكم لهم في فضلها قسم

إني لأعلم أو ظنا كعالمه ... والظنّ يصدق أحيانا فينتظم

<<  <  ج: ص:  >  >>