أما ترى الورد يدعو الشاربين إلى ... حمراء صافية في لونها صبب
مداهن من يواقيت مركّبة ... على الزمرّد في أجفانها ذهب
خاف الملال إذا طالت إقامته ... فصار يظهر أحيانا ويحتجب
وكان أديبا فاضلا زكيّ النفس حسن العشرة لطيف الأخلاق متوددا محببا إلى كل من يكلمه، وكان غاية في الجود، وكان قد تنزل من المتوكل بمنزلة الروح من الجسد، وكان خدم قبله المعتصم والواثق؛ فذكر أبو العيناء قال: قال الفتح بن خاقان: غضب عليّ المعتصم ثم رضي عني وقال لي: ارفع حوائجك لتقضى، فقلت: يا أمير المؤمنين ليس شيء من عرض الدنيا وإن جلّ يفي برضى أمير المؤمنين وإن قلّ؛ قال: فأمر فحشي فمي جوهرا.
أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار الحافظ قال: أخبرني أبو القاسم الثعلبي، حدثنا الفضل بن سهل، حدثنا الخطيب أبو بكر، أخبرنا محمد بن محمد بن المظفر السراج، حدثنا المرزباني، أخبرني محمد بن يحيى الصولي، حدثني أحمد بن عبد الرحمن، حدثني وهب بن وهب بن وهب، حدثني البحتري قال «١» : قال المتوكل: قل فيّ شعرا وفي الفتح فإني أحبّ أن يحيا معي ولا أفقده فيذهب عيشي ولا يفقدني فيذل، فقل في هذا المعنى فقلت أبياتي:
سيدي أنت كيف أخلفت وعدي ... وتثاقلت عن وفاء بعهدي
فقلت فيها:
لا أرتني الأيام فقدك يا فت ... ح ولا عرّفتك ما عشت فقدي
أعظم الرزء أن تقدّم قبلي ... ومن الرزء أن تؤخّر بعدي
حسدا أن تكون إلفا لغيري ... إذ تفردت بالهوى قبل وحدي
قال البحتري: فقتلا معا وكنت حاضرا وربحت هذه الضربة، وأومأ إلى ضربة